جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

مباهلة النبی صلى الله علیه و آله بهم

زمان مطالعه: 2 دقیقه

255. تفسیر الفخر الرازی: رُوِیَ أنَّهُ صلى الله علیه و آله لَمّا أورَدَ الدَّلائِلَ عَلى نَصارى نَجرانَ، ثُمَّ إنَّهُم أصَرّوا عَلى جَهلِهِم، فَقالَ صلى الله علیه و آله: إنَّ اللّهَ أمَرَنی إن لَم تَقبَلُوا الحُجَّةَ أن اُباهِلَکُم.

فَقالوا: یا أبَا القاسِمِ، بَل نَرجِعُ فَنَنظُرُ فی أمرِنا ثُمَّ نَأتیکَ.

فَلَمّا رَجَعوا قالوا لِلعاقِبِ(1) ـ وکانَ ذا رَأیِهِم ـ: یا عَبدَ المَسیحِ، ما تَرى؟ فَقالَ: وَاللّهِ! لَقَد عَرَفتُم یا مَعشَرَ النَّصارى أنَّ مُحَمَّدا نَبِیٌّ مُرسَلٌ، ولَقَد جاءَکُم بِالکَلامِ الحَقِّ فی أمرِ صاحِبِکُم. وَاللّهِ! ما باهَلَ قَومٌ نَبِیّا قَطُّ فَعاشَ کَبیرُهُم ولا نَبَتَ صَغیرُهُم، ولَئِن فَعَلتُم لَکانَ الاِستِئصالُ، فَإِن أبَیتُم إلَا الإِصرارَ عَلى دینِکُم وَالإِقامَةِ عَلى ما أنتُم عَلَیهِ، فَوادِعُوا الرَّجُلَ وَانصَرِفوا إلى بِلادِکُم.

وکانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله علیه و آله خَرَجَ وعَلَیهِ مِرطٌ(2) مِن شَعرٍ أسوَدَ، وکانَ قَدِ احتَضَنَ الحُسَینَ وأَخَذَ بِیَدِ الحَسَنِ، وفاطِمَةُ تَمشی خَلفَهُ، وعَلِیٌّ رَضِیَ اللّهُ عَنهُ خَلفَها، وهُوَ یَقولُ: إذا دَعَوتُ فَأَمِّنوا. فَقالَ اُسقُفُّ نَجرانَ: یا مَعشَرَ النَّصارى! إنّی لَأَرى وُجوها لَو سَأَلُوا اللّهَ أن یُزیلَ جَبَلاً مِن مَکانِهِ لَأَزالَهُ بِها، فَلا تُباهِلوا فَتَهلِکوا ولا یَبقى عَلى وَجهِ الأَرضِ نَصرانِیٌّ إلى یَومِ القِیامَةِ. ثُمَّ قالوا: یا أبَا القاسِمِ، رَأَینا أن لا نُباهِلَکَ وأَن نُقِرَّکَ عَلى دینِکَ. فَقالَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ: فَإِذا أبَیتُمُ المُباهَلَةَ فَأَسلِموا؛ یَکُن لَکُم ما لِلمُسلِمینَ وعَلَیکُم ما عَلَى المُسلِمینَ، فَأَبَوا، فَقالَ: فَإِنّی اُناجِزُکُمُ القِتالَ، فَقالوا: ما لَنا بِحَربِ العَرَبِ طاقَةٌ، ولکِن نُصالِحُکَ عَلى أن لا تَغزُوَنا ولا تَرُدَّنا عَن دینِنا، عَلى أن نُؤَدِّیَ إلَیکَ فی کُلِّ عامٍ ألفَی حُلَّةٍ: ألفاً فی صَفَرٍ، وأَلفاً فی رَجَبٍ، وثَلاثینَ دِرعا عادِیَةً مِن حَدیدٍ. فَصالَحَهُم عَلى ذلِکَ. وقالَ: وَالَّذی نَفسی بِیَدِهِ، إنَّ الهَلاکَ قَد تَدَلّى عَلى أهلِ نَجرانَ، ولو لاعَنوا لَمُسِخوا قِرَدَةً وخَنازیرَ، ولَاضطَرَمَ عَلَیهِمُ الوادی نارا، ولَاستَأَصَلَ اللّهُ نَجرانَ وأَهلَهُ، حَتَّى الطَّیرَ عَلى رُؤوسِ الشَّجَرِ، ولَما حالَ الحَولُ عَلَى النَّصارى کُلِّهِم حَتّى یَهلِکوا. ورُوِیَ أنَّهُ صلى الله علیه و آله لَمّا خَرَجَ فِی المِرطِ الأَسوَدِ، فَجاءَ الحَسَنُ رَضِیَ اللّهُ عَنهُ فَأَدخَلَهُ، ثُمَّ جاءَ الحُسَینُ رَضِیَ اللّهُ عَنهُ فَأَدخَلَهُ، ثُمَّ فاطِمَةُ، ثُمَّ عَلِیٌّ رَضِیَ اللّهُ عَنهُما، ثُمَّ قالَ: «إِنَّمَا یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیرًا»(3) وَاعلَم أنَّ هذِهِ الرِّوایَةَ کُالمُتَّفَقِ عَلى صِحَّتِها بَینَ أهلِ التَّفسیرِ وَالحَدیثِ.(4)


1) وهو عبد المسیح بن ثوبان اُسقف نجران (شرح الأخبار: ج 2 ص 339)، والعاقب یُطلق على من یکون بعد السیّد؛ أی یعقبه (راجع: بحار الأنوار: ج 35 ص 264).

2) المِرطُ: کِساءٌ من صوفٍ أو خَزٍّ کان یؤتَزَرُ به (مجمع البحرین: ج 3 ص 1688 «مرط»).

3) الأحزاب: 33.

4) تفسیر الفخر الرازی: ج 8 ص 88.