129. عیون أخبار الرضا علیه السلام عن الفضل بن شاذان: سَأَلَ المَأمونُ عَلِیَّ بنَ موسَى الرِّضا علیه السلام أن یَکتُبَ لَهُ مَحضَ الإِسلامِ عَلى سَبیلِ الإیجازِ وَالاِختِصارِ.
فَکَتَبَ علیه السلام لَهُ: إنَّ مَحضَ الإِسلامِ شَهادَةُ أن لا إلهَ إلّا اللّهُ وَحدَهُ لا شَریکَ لَهُ، إلها واحِدا أحَدا فَردا صَمَدا قَیّوما سَمیعا بَصیرا قَدیرا قَدیما قائِما باقِیا، عالِما لا یَجهَلُ، قادِرا لا یَعجَزُ، غَنِیّا لا یَحتاجُ، عَدلاً لا یَجورُ، وأنَّهُ خالِقُ کُلِّ شَیءٍ ولَیسَ کَمِثلِهِ شَیءٌ، لا شِبهَ لَهُ ولا ضِدَّ لَهُ، ولا نِدَّ لَهُ ولا کُف ءَ لَهُ، وأنَّهُ المَقصودُ بِالعِبادَةِ وَالدُّعاءِ، وَالرَّغبَةِ وَالرَّهبَةِ، وأنَّ مُحَمَّدا عَبدُهُ ورَسولُهُ، وأمینُهُ وصَفِیُّهُ، وصَفوَتُهُ مِن خَلقِهِ، وسَیِّدُ المُرسَلینَ، وخاتَمُ النَّبِیّینَ، وأفضَلُ العالَمینَ، لا نَبِیَّ بَعدَهُ، ولا تَبدیلَ لِمِلَّتِهِ، ولا تَغییرَ لِشَریعَتِهِ، وأنَّ جَمیعَ ما جاءَ بِهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ هُوَ الحَقُّ المُبینُ، وَالتَّصدیقُ بِهِ وبِجَمیعِ مَن مَضى قَبلَهُ مِن رُسُلِ اللّهِ وأنبِیائِهِ وحُجَجِهِ، وَالتَّصدیقُ بِکِتابِهِ الصّادِقِ العَزیزِ الَّذی لا یَأتیهِ الباطِلُ مِن بَینِ یَدَیهِ ولا مِن خَلفِهِ، تَنزیلٌ مِن حَکیمٍ حَمیدٍ، وأنَّهُ المُهَیمِنُ عَلَى الکُتُبِ کُلِّها، وأنَّهُ حَقٌّ مِن فاتِحَتِهِ إلى خاتِمَتِهِ، نُؤمِنُ بِمُحکَمِهِ ومُتَشابِهِهِ، وخاصِّهِ وعامِّهِ، ووَعدِهِ ووَعیدِهِ، وناسِخِهِ ومَنسوخِهِ، وقِصَصِهِ وأَخبارِهِ، لا یَقدِرُ أَحَدٌ مِنَ المَخلوقینَ أن یَأتِیَ بِمِثلِهِ.
وأنَّ الدَّلیلَ بَعدَهُ، وَالحُجَّةَ عَلَى المُؤمِنینَ، وَالقائِمَ بِأَمرِ المُسلِمینَ، وَالنّاطِقَ عَنِ القُرآنِ، وَالعالِمَ بِأَحکامِهِ، أخوهُ وخَلیفَتُهُ ووَصِیُّهُ ووَلِیُّهُ، وَالَّذی کانَ مِنهُ بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسى عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السلام، أمیرُ المُؤمِنینَ، وإمامُ المُتَّقینَ، وقائِدُ الغُرِّ المُحَجَّلینَ(1)، وأفضَلُ الوَصِیّینَ، ووارِثُ عِلمِ النَّبِیّینَ وَالمُرسَلینَ، وبَعدَهُ الحَسَنُ وَالحُسَینُ سَیِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ، ثُمَّ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ زَینُ العابِدینَ، ثُمَّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِیٍّ باقِرُ عِلمِ النَّبِیّینَ، ثُمَّ جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصّادِقُ وارِثُ عِلمِ الوَصِیّینَ، ثُمَّ موسَى بنُ جَعفَرٍ الکاظِمِ، ثُمَّ عَلِیُّ بنُ موسَى الرِّضا، ثُمَّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِیٍّ، ثُمَّ عَلِیُّ بنُ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ الحَسَنُ بنُ عَلِیٍّ، ثُمَّ الحُجَّةُ القائِمُ المُنتَظَرُ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِم أجمَعینَ.
أشهَدُ لَهُم بِالوَصِیَّةِ وَالإِمامَةِ، وأنَّ الأَرضَ لا تَخلو مِن حُجَّةِ اللّهِ تَعالى عَلَى خَلقِهِ فی کُلِّ عَصرٍ وأوانٍ، وأنَّهُمُ العُروَةُ الوُثقى، وأئِمَّةُ الهُدى، وَالحُجَّةُ عَلَى أهلِ الدُّنیا، إلى أن یَرِثَ اللّهُ الأَرضَ ومَن عَلَیها.(2)
1) الغُرُّ المُحجَّلون: أی بِیضُ مواضع الوضوء من الأیدی والوجه والأقدام، استعارة… من البیاض الذی یکون فی وجه الفرس ویدیه ورجلیه (النهایة: ج 1 ص 346 «حجل»).
2) عیون أخبار الرضا علیه السلام: ج 2 ص 121 ح 1، بحار الأنوار: ج 10 ص 352 ح 1.