الکتاب
«وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ».(1)
الحدیث
91.علل الشرائع عن أبی بصیر:
سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام عَن قَولِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ: «وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإنسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ»، قالَ: خَلَقَهُم لِیَأمُرَهُم بِالعِبادَةِ.(2)
92.علل الشرائع عن جمیلِ بن درَّاج:
قُلتُ لِأَبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام: جُعِلتُ فِداکَ، ما مَعنى قَولِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ: «وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإنسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ» فَقالَ: خَلَقَهُم لِلعِبادَةِ.(3)
93.علل الشرائع عن جمیل بن درّاج عن الإمام الصادق علیه السلام، قال:
سَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ: «وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ»(1) قالَ: خَلَقَهُم لِلعِبادَةِ، قُلتُ: خاصَّةً أم عامَّةً؟ قالَ: لا بَل عامَّةً.(4)
94.رسول اللّه صلى الله علیه و آله: بِئسَ العَبدُ عَبدٌ خُلِقَ لِلعِبادَةِ فَأَلهَتهُ العاجِلَةُ عَنِ الآجِلَةِ.(5)
95.الإمام علیّ علیه السلام:
اِبتَدَأَ ما أرادَ ابتِداءَهُ، وأنشَأَ ما أرادَ إنشاءَهُ، عَلى ما أرادَ مِنَ الثَّقَلَینِ الجِنِّ وَالإِنسِ، لِیَعرِفوا بِذلِکَ رُبوبِیَّتَهُ وتَمَکَّنَ فیهِم طاعَتُهُ.(6)
96.عنه علیه السلام: فَاتَّقُوا اللّهَ عِبادَ اللّهِ جِهَةَ ما خَلَقَکُم لَهُ، وَاحذَروا مِنهُ کُنهَ(7) ما حَذَّرَکُم مِن نَفسِهِ، وَاستَحِقّوا مِنهُ ما أعَدَّ لَکُم بِالتَّنَجُّزِ لِصِدقِ میعادِهِ، وَالحَذَرِ مِن هَولِ مَعادِهِ.(8)
97.عنه علیه السلام (ـ وهُوَ یَدعُو النّاسَ إلَى الجِهادِ ـ: إنَّ اللّهَ قَد أکرَمَکُم بِدینِهِ، وخَلَقَکُم لِعِبادَتِهِ، فَأَنصِبوا(9) أنفُسَکُم فی أداءِ حَقِّهِ.(10)
98.عنه علیه السلام: بِتَقوَى اللّهِ اُمِرتُم، ولِلإِحسانِ وَالطّاعَةِ خُلِقتُم.(11)
99.بصائر الدرجات عن أبی بصیر عن الإمام الباقر علیه السلام، قال: سَأَلتُهُ علیه السلام عَن قَولِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ: «یُنَزِّلُ الْمَلَئِکَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن یَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ»(12) فَقالَ: جَبرَئیلُ الَّذی نَزَلَ عَلَى الأَنبِیاءِ، وَالرّوحُ تَکونُ مَعَهُم ومَعَ الأَوصِیاءِ لا تُفارِقُهُم تُفَقِّهُهُم وتُسَدِّدُهُم مِن عِندِ اللّهِ، وأنَّهُ لا إلهَ إلَا اللّهُ، مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ صلى الله علیه و آله، وبِهِما عُبِدَ اللّهُ، وَاستَعبَدَ اللّهُ عَلى(13) هذَا الجِنَّ وَالإِنسَ وَالمَلائِکَةَ، ولَم یَعبُدِ اللّهَ مَلَکٌ ولا نَبِیٌّ ولا إنسانٌ ولا جانٌّ إلّا بِشَهادَةِ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ، وأنَّ مُحَمَّدا رَسولُ اللّهِ، وما خَلَقَ اللّهُ خَلقاً إلّا لِلعِبادَةِ.(14)
100.الإمام الباقر علیه السلام ـ فی حَدیثٍ عَن آدَمَ علیه السلام مُخاطِبا اللّهَ سُبحانَهُ ـ: قالَ آدَمُ: یا رَبِّ ما أکثَرَ ذُرِّیَّتی ولِأَمرِ ما خَلَقتَهُم؟…
قال اللّه عزّ وجلّ:… خَلَقتُکَ وخَلَقتُ ذُرِّیَّتَکَ مِن غَیرِ فاقَةٍ بی إلَیکَ وإلَیهِم، وإنَّما خَلَقتُکَ وخَلَقتُهُم لِأَبلُوَکَ وأبلُوَهُم أیُّکُم أحسَنُ عَمَلاً فی دارِ الدُّنیا فی حَیاتِکُم وقَبلَ مَماتِکُم، فَلِذلِکَ خَلَقتُ الدُّنیا وَالآخِرَةَ، وَالحَیاةَ وَالمَوتَ، وَالطّاعَةَ وَالمَعصِیَةَ، وَالجَنَّةَ وَالنّارَ، وکَذلِکَ أرَدتُ فی تَقدیری وتَدبیری وبِعِلمِی النّافِذِ فیهِم، خالَفتُ بَینَ صُوَرِهِم وأجسامِهِم، وألوانِهِم وأعمارِهِم وأرزاقِهِم، وطاعَتِهِم ومَعصِیَتِهِم، فَجَعَلتُ مِنهُمُ الشَّقِیَّ وَالسَّعیدَ، وَالبَصیرَ وَالأَعمى، وَالقَصیرَ وَالطَّویلَ، وَالجَمیلَ وَالدَّمیمَ، وَالعالِمَ وَالجاهِلَ، وَالغَنِیَّ وَالفَقیرَ، وَالمُطیعَ وَالعاصِیَ، وَالصَّحیحَ وَالسَّقیمَ، ومَن بِهِ الزَّمانَةُ(15) ومَن لا عاهَةَ بِهِ.
فَیَنظُرُ الصَّحیحُ إلَى الَّذی بِهِ العاهَةُ فَیَحمَدُنی عَلى عافِیَتِهِ، ویَنظُرُ الَّذی بِهِ العاهَةُ إلَى الصَّحیحِ فَیَدعونی ویَسأَلُنی أن اُعافِیَهُ، ویَصبِرُ عَلى بَلائی فَاُثیبُهُ جَزیلَ عَطائی، ویَنظُرُ الغَنِیُّ إلَى الفَقیرِ فَیَحمَدُنی ویَشکُرُنی، ویَنظُرُ الفَقیرُ إلَى الغَنِیِّ فَیَدعونی ویَسأَلُنی، ویَنظُرُ المُؤمِنُ إلَى الکافِرِ فَیَحمَدُنی عَلى ما هَدَیتُهُ، فَلِذلِکَ خَلَقتُهُم لِأَبلُوَهُم فِی السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ، وفیما اُعافیهِم وفیما أبتَلیهِم وفیما اُعطیهِم وفیما أمنَعُهُم، وأنَا اللّهُ المَلِکُ القادِرُ، ولی أن اُمضِیَ جَمیعَ ما قَدَّرتُ عَلى ما دَبَّرتُ، ولی أن اُغَیِّرَ مِن ذلِکَ ما شِئتُ إلى ما شِئتُ، واُقَدِّمَ مِن ذلِکَ ما أخَّرتُ، واُؤَخِّرَ مِن ذلِکَ ما قَدَّمتُ، وأنَا اللّهُ الفَعّالُ لِما اُریدُ، لا اُسأَلُ عَمّا أفعَلُ وأنَا أسأَلُ خَلقی عَمّاهُم فاعِلونَ.(16)
101. الإمام الصادق علیه السلام: خَرَجَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السلام عَلى أصحابِهِ فَقالَ: أیُّهَا النّاسُ، إنَّ اللّهَ جَلَّ ذِکرُهُ، ما خَلَقَ العِبادَ إلّا لِیَعرِفوهُ، فَإِذا عَرَفوهُ عَبَدوهُ، فَإِذا عَبَدوهُ استَغنَوا بِعِبادَتِهِ عَن عِبادَةِ مَن سِواهُ.
فَقالَ لَهُ رَجُلٌ: یَابنَ رَسولِ اللّهِ، بِأَبی أنتَ واُمّی فَما مَعرِفَةُ اللّهِ؟
قالَ: مَعرِفَةُ أهلِ کُلِّ زَمانٍ إمامَهُمُ الَّذی یَجِبُ عَلَیهِم طاعَتُهُ.(17)
102. التوحید عن محمّد بن أبی عمیر: سَأَلتُ أبَا الحَسَنِ موسَى بنَ جَعفَرٍ علیه السلام عَن… مَعنى قَولِهِ صلى الله علیه و آله: «اِعمَلوا فَکُلٌّ مُیَسَّرٌ لِما خُلِقَ لَهُ».
فَقالَ: إنَّ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ خَلَقَ الجِنَّ وَالإِنسَ لِیَعبُدوهُ ولَم یَخلُقهُم لِیَعصوهُ، وذلِکَ قَولُهُ عَزَّ وجَلَّ «وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الإِنسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ» فَیَسَّرَ کُلّاً لِما خَلَقَ لَهُ، فَالوَیلُ لِمَنِ استَحَبَّ العَمى عَلَى الهُدى.(18)
103. الإمام العسکری علیه السلام فِی التَّفسیرِ المَنسوبِ إلَیهِ ـ: قالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السلام فی قَولِهِ تَعالى: «یَاأَیُّهَا النَّاسُ» یَعنی سائِرَ النّاسِ المُکَلَّفینَ مِن وُلدِ آدَمَ علیه السلام.
«اعْبُدُواْ رَبَّکُمُ» أی أطیعوا رَبَّکُم مِن حَیثُ أمَرَکُم مِن أن تَعتَقِدوا أن لا إلهَ إلَا اللّهُ وَحدَهُ لا شَریکَ لَهُ ولا شَبیهَ، ولا مِثلَ لَهُ، عَدلٌ لا یَجورُ، جَوادٌ لا یَبخَلُ، حَلیمٌ لا یَعجَلُ، حَکیمٌ لا یَخطَلُ(19)، وأنَّ مُحَمَّدا عَبدُهُ و رَسولُهُ صلى الله علیه و آله، وأنَّ آلَ مُحَمَّدٍ أفضَلُ آلِ النَّبِیّینَ، وأنَّ عَلِیّا أفضَلُ آلِ مُحَمَّدٍ، وأنَّ أصحابَ مُحَمَّدٍ المُؤمِنینَ مِنهُم أفضَلُ صَحابَةِ المُرسَلینَ، وأنَّ اُمَّةَ مُحَمَّدٍ أفضَلُ اُمَمِ المُرسَلینَ….
«الَّذِى خَلَقَکُمْ» نَسَما(20) وسَوّاکُم مِن بَعدِ ذلِکَ وصَوَّرَکُم فَأَحسَنَ صُوَرَکُم.
ثُمَّ قالَ عَزَّ وجَلَّ «وَ الَّذِینَ مِن قَبْلِکُمْ» قالَ: وخَلَقَ الَّذینَ مِن قَبلِکُم مِن سائِرِ أصنافِ النّاسِ «لَعَلَّکُمْ تَتَّقُونَ» قالَ: لَها وَجهانِ، أحَدُهُما خَلَقَکُم وخَلَقَ الَّذینَ مِن قَبلِکُم لَعَلَّکُم کُلَّکُم تَتَّقونَ، أی لِتَتَّقوا کَما قالَ اللّهُ تَعالى: «وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ» وَالوَجهُ الآخَرُ: «اعْبُدُواْ رَبَّکُمُ الَّذِى خَلَقَکُمْ وَ الَّذِینَ مِن قَبْلِکُمْ»، أیِ اعبُدوهُ لَعَلَّکُم تَتَّقونَ النّارَ، و«لَعَلَّ» مِنَ اللّهِ واجِبٌ، لِأَنَّهُ أکرَمُ مِن أن یُعَنِّیَ عَبدَهُ بِلا مَنفَعَةٍ ویُطعِمَهُ فی فَضلِهِ ثُمَّ یُخَیِّبَهُ.
ألا تَراهُ کَیفَ قَبُحَ مِن عَبدٍ مِن عِبادِهِ إذا قالَ لِرَجُلٍ: أخدِمنی لَعَلَّکَ تَنتَفِعُ بی وبِخِدمَتی، ولَعَلّی أنفَعُکَ بِها، فَیَخدِمُهُ ثُمَّ یُخَیِّبُهُ ولا یَنفَعُهُ، فَإِنَّ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ أکرَمُ فی أفعالِهِ وأبعَدُ مِنَ القَبیحِ فی أعمالِهِ مِن عِبادِهِ.(21)
1) الذاریات: 56.
2) علل الشرائع: ص 13 ح 10، بحارالأنوار: ج 5 ص 314 ح 5.
3) علل الشرائع: ص 14 ح 11، بحارالأنوار: ج 5 ص 314 ح 6.
4) علل الشرائع: ص 14 ح 12، تفسیر العیّاشی: ج 2 ص 164 ح 83 عن یعقوب بن سعید ولیس فیه ذیله، بحار الأنوار: ج 5 ص 314 ح 7.
5) النوادر للراوندی: ص 145 ح 198 عن الإمام علیّ علیه السلام، جامع الأحادیث للقمّی: ص 62، بحارالأنوار: ج 72 ص 201 ح 31.
6) الکافی: ج 1 ص 142 ح 7 عن الحارث الأعور، التوحید: ص 33 ح 1 نحوه، بحارالأنوار: ج 4 ص 266 ح 14.
7) کُنهُ الأمرِ: حَقیقتُه (النهایة: ج 4 ص 206 «کنه»).
8) نهج البلاغة: الخطبة 83، عیون الحکم والمواعظ: ص 360 ح 6101.
9) النُّصبُ والنَّصَبُ: التَّعَبُ (مفردات ألفاظ القرآن: ص 807 «نصب»).
10) وقعة صفّین: ص 112 عن أبی روق، بحارالأنوار: ج 32 ص 404؛ شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: ج 3 ص 185.
11) وقعة صفّین: ص 10 عن سلیمان بن المغیرة عن الإمام زین العابدین علیه السلام، بحارالأنوار: ج 32 ص 356 ح 337؛ شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: ج 3 ص 108.
12) النحل: 2.
13) فی المصدر: «واستعبده الخلق وعلى…»، والصواب ما أثبتناه کما فی بحار الأنوار.
14) بصائر الدرجات: ص 463 ح 1، بحارالأنوار: ج 25 ص 63 ح 43.
15) الزَّمانَةُ: العاهة، مرض یدوم زمانا طویلاً (مجمع البحرین: ج 2 ص 782 «زمن»).
16) الکافی: ج 2 ص 9 ح 2، علل الشرائع: ص 11 ح 4، الاختصاص: ص 333، مختصر بصائر الدرجات: ص 156 کلّها عن حبیب السجستانی، بحارالأنوار: ج 5 ص 227 ح 5.
17) علل الشرائع: ص 9 ح 1 عن سلمة بن عطا، کنز الفوائد: ج 1 ص 328 عن مسلمة بن عطا، نزهة الناظر: ص 126 ح 231، بحار الأنوار: ج 5 ص 312 ح 1.
18) التوحید: ص 356 ح 3، بحارالأنوار: ج 67 ص 119.
19) خَطِلَ: أخطَأ (مجمع البحرین: ج 1 ص 527 «خطل»).
20) النَّسَمُ: نَفسُ الرُّوح وقیل: جمع النَّسَمَة (تاج العروس: ج 17 ص 684 «نسم»).
21) التفسیر المنسوب إلى الإمام العسکری علیه السلام: ص 135 و 139 ح 68 و 71، تأویل الآیات الظاهرة: ج 1 ص 40 ح 13 ولیس فیه ذیله من قوله تعالى «الذی خلقکم» الاولى، بحارالأنوار: ج 68 ص 286 ح 44.