الکتاب
«وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْیَةً کَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً یَأْتِیهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن کُلِّ مَکَانٍ فَکَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِمَا کَانُواْ یَصْنَعُونَ».(1)
«لَقَدْ کَانَ لِسَبَإٍ فِى مَسْکَنِهِمْ ءَایَةٌ جَنَّتَانِ عَن یَمِینٍ وَ شِمَالٍ کُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّکُمْ وَ اشْکُرُواْ لَهُ بَلْدَةٌ طَیِّبَةٌ وَ رَبٌّ غَفُورٌ- فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَیْهِمْ سَیْلَ الْعَرِمِ وَ بَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَیْهِمْ جَنَّتَیْنِ ذَوَاتَىْ أُکُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ وَ شَىْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِیلٍ- ذَلِکَ جَزَیْنَاهُم بِمَا کَفَرُواْ وَ هَلْ نُجَازِى إِلَّا الْکَفُورَ- وَ جَعَلْنَا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الْقُرَى الَّتِى بَارَکْنَا فِیهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَ قَدَّرْنَا فِیهَا السَّیْرَ سِیرُواْ فِیهَا لَیَالِىَ وَ أَیَّامًا ءَامِنِینَ- فَقَالُواْ رَبَّنَا بَاعِدْ بَیْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِیثَ وَ مَزَّقْنَاهُمْ کُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِى ذَلِکَ لَایَاتٍ لِّکُلِّ صَبَّارٍ شَکُورٍ».(2)
«أَتُتْرَکُونَ فِى مَا هَاهُنَا ءَامِنِینَ- فِى جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ- وَ زُرُوعٍ وَ نَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِیمٌ- وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُیُوتًا فَارِهِینَ- فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَ أَطِیعُونِ- وَلَا تُطِیعُواْ أَمْرَ الْمُسْرِفِینَ- الَّذِینَ یُفْسِدُونَ فِى الْأَرْضِ وَ لَا یُصْلِحُونَ».(3)
الحدیث
52.دعائم الإسلام: عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّلاةِ عَلى کُدسِ(4) الحِنطَةِ؟ فَنَهى عَن ذلِکَ، فَقیلَ لَهُ: فَإِذَا افتُرِشَ فَکانَ کَالسَّطحِ؟ فَقالَ: لا یُصَلّى عَلى شَیءٍ مِنَ الطَّعامِ، فَإِنَّما هُوَ رِزقُ اللّهِ لِخَلقِهِ ونِعمَتُهُ عَلَیهِم، فَعَظِّموهُ ولا تَطَؤوهُ ولا تَستَهینوا بِهِ، فَإِنَّ قَوما فیمَن کانَ قَبلَکُم وَسَّعَ اللّهُ عَلَیهِم فی أرزاقِهِم، فَاتَّخَذوا مِنَ الخُبزِ النَّقِیِ مِثلَ الأَفهارِ(5) فَجَعَلوا یَستَنجونَ(6) بِهِ، فَابتَلاهُمُ اللّهُ عز و جل بِالسِّنینَ وَالجوعِ، فَجَعَلوا یَتَتَبَّعونَ ما کانوا یَستَنجونَ بِهِ فَیَأکُلونَهُ، فَفیهِم نَزَلَت هذِهِ الآیَةُ: «وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْیَةً کَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً یَأْتِیهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن کُلِّ مَکَانٍ فَکَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِمَا کَانُواْ یَصْنَعُونَ». (7)
53. دعائم الإسلام: عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام أنَّهُ قالَ: کانَ أبی علیه السلام إذا رَأى شَیئا مِنَ الطَّعامِ فی مَنزِلِهِ قَد رُمِیَ بِهِ، نَقَصَ مِن قوتِ أهلِهِ مِثلَهُ.
وکانَ یَقولُ فی قَولِ اللّهِ عز و جل: «وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْیَةً کَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً یَأْتِیهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن کُلِّ مَکَانٍ فَکَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِمَا کَانُواْ یَصْنَعُونَ»، قالَ: هُم أهلُ القَریَةِ، کانَ اللّهُ عز و جل قَد أوسَعَ عَلَیهِم فی مَعایِشِهِم فَاستَخشَنُوا الاِستِنجاءَ بِالحِجارَةِ، وَاستَعمَلوا مِن الخُبزِ(8) مِثلَ الأَفهارِ، وکانوا یَستَنجونَ بِها. فَبَعَثَ اللّهُ عَلَیهِم دَوابَّ أصغَرَ مِنَ الجَرادِ، فَلَم تَدَع لَهُم شَیئا مِمّا خَلَقَهُ اللّهُ مِن شَجَرٍ ولا نَباتٍ إلّا أکَلَتهُ، فَبَلَغَ بِهِمُ الجَهدُ إلى أن رَجَعوا إلَى الَّذی کانوا یَستَنجونَ بِهِ مِنَ الخُبزِ، فَیَأکُلونَهُ.(9)
54.الکافی عن سدیر: سَأَلَ رَجُلٌ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل: «فَقَالُواْ رَبَّنَا بَاعِدْ بَیْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ…» الآیَةَ، فَقالَ: هؤُلاءِ قَومٌ کانَت لَهُم قُرىً مُتَّصِلَةٌ، یَنظُرُ بَعضُهُم إلى بَعضٍ، وأنهارٌ جارِیَةٌ وأموالٌ ظاهِرَةٌ، فَکَفَروا نِعَمَ اللهِ عزوجل وغَیَّروا ما بِأَنفُسِهِم مِن عافِیَةِ اللّهِ، فَغَیَّرَ اللّهُ ما بِهِم مِن نِعمَةٍ، و «إِنَّ اللَّهَ لَا یُغَیِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى یُغَیِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ»(10)، فَأَرسَلَ اللهُ عَلَیهِم سَیلَ العَرِمِ(11)، فَغَرَّقَ قُراهُم، وخَرَّبَ دِیارَهُم، وأذهَبَ أموالَهُم، وأبدَلَهُم مَکانَ جَنّاتِهِم جَنَّتَینِ ذَواتى اُکُلٍ خَمطٍ(12) وأثلٍ وشَیءٍ مِن سِدرٍ قَلیلٍ، ثُمَّ قالَ: «ذَلِکَ جَزَیْنَاهُم بِمَا کَفَرُواْ وَ هَلْ نُجَازِى إِلَّا الْکَفُورَ». (13)
55.جمال الاُسبوع – فی دُعاءِ یَومِ الخَمیسِ -: اللّهُمَّ لَکَ الحَمدُ لا إلهَ إلّا أنتَ، قُلتَ فی کِتابِکَ: «وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْیَةً کَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً یَأْتِیهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن کُلِّ مَکَانٍ فَکَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِمَا کَانُواْ یَصْنَعُونَ»، فَبِکَ آمَنتُ وصَدَّقتُ، فَلا تَجعَل هذا مَثَلی فی نِعمَتِکَ یاسَیِّدی، ولا تَجعَلنی مُغتَرّا بِالطُّمَأنینَةِ إلى رَغَدِ العَیشِ، آمِنا مِن مَکرِکَ، لِأَنَّکَ قُلتَ فی کِتابِکَ: «فَلَا یَأْمَنُ مَکْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ»(14)، وأنَا أبرَأُ إلَیکَ مِنَ الحَولِ وَالقُّوَّةِ، مُعتَرِفٌ بِإِحسانِکَ، مُستَجیرٌ بِکَرَمِکَ، مِن أن تُذیقَنی لِباسَ الجوعِ وَالخَوفِ بَعدَ الأَمنِ وَالنِّعمَةِ، وصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ.(15)
1) النحل: 112.
2) سبأ: 15 ـ 19.
3) الشعراء: 146 ـ 152.
4) الکُدسُ: ما یجمع من الطعام فی البیدر (المصباح المنیر: ص 527 «کدس»).
5) الفِهْر: الحَجَر (النهایة: ج 3 ص 481 «فهر»).
6) استَنجَیت: غَسلتُ مَوضِع النَّجو [أی الغائط] أو مَسَحتُه بحَجَر أو مَدَر (المصباح المنیر: ص 595 «نجا»).
7) دعائم الإسلام: ج 1 ص 179، بحار الأنوار: ج 84 ص 98 ح 16.
8) فی المصدر: «من خبزة»، والتصویب من بعض نسخ المصدر المنقولة فی الهامش وکما فی بحار الأنوار.
9) دعائم الإسلام: ج 2 ص 114 ح 379، بحار الأنوار: ج 66 ص 431 ح 16.
10) الرعد: 11.
11) سَیل العَرم: قیل: أراد سَیل الأمر العَرِم، وقیل: العَرِم: المسنّاةُ، وقیل: الجُرذُ الذکر ونسب إلیه السیل من حیث إنّه نقب المسنّاة (مفردات ألفاظ القرآن: ص 562 «عرم»).
12) الخَمْطُ: شجر لا شوک له، وهو الأراک (مفردات ألفاظ القرآن: ص 299 «خمط»).
13) الکافی: ج 2 ص 274 ح 23 وج 8 ص 395 ح 596، قصص الأنبیاء للراوندی: ص 99 ح 92 نحوه، بحار الأنوار: ج 14 ص 144 ح 3.
14) الأعراف: 99.
15) جمال الاُسبوع: ص 83، بحار الأنوار: ج 90 ص 318.