1030. رسول اللّه صلى الله علیه و آله ـ لَمّا شَکا إلَیهِ أبو سَعیدٍ الخُدرِیُّ حاجتَهُ ـ :
اِصبِر أبا سَعیدٍ، فَإِنَّ الفَقرَ إلى مَن یُحِبُّنی مِنکُم أسرَعُ مِنَ السَّیلِ عَلى(1)أعلَى الوادی، ومِن أعلَى الجَبَلِ إلى أسفَلِهِ.(2)
1031. عنه صلى الله علیه و آله ـ لاِبی ذَرٍّ لَمّا قالَ لَهُ: إنّی اُحِبُّکُم أهلَ البَیتِ ـ :
اللّهَ اللّهَ! فَأَعِدَّ لِلفَقرِ تِجفافـا(3)، فَإِنَّ الفَقرَ أسـرَعُ إلى مَن یُحِبُّنا مِنَ السَّیلِ مِن أعلَى الأَکَمَةِ إلى أسفَلِها.(4)
1032. السنن الکبرى عن ابن عبّاس:
أصابَ نَبِیَّ اللّهِ صلى الله علیه و آله خَصاصَةٌ فَبَلَغَ ذلِکَ عَلِیّا علیه السلام، فَخَرَجَ یَلتَمِس عَمَلاً لِیُصیبَ مِنهُ شَیئا یَبعَثُ بِهِ إلى نَبِیِّ اللّهِ صلى الله علیه و آله، فَأَتى بُستانا لِرَجُلٍ مِنَ الیَهودِ، فَاستَقى لَهُ سَبعَةَ عَشَرَ دَلوا کُلَّ دَلوٍ بِتَمرَةٍ، فَخَیَّرَهُ الیَهودِیُّ مِن تَمرِهِ سَبعَ عَشرَةَ تَمرَةً عَجوَةً، فَجاءَ بِها إلى نَبِیِّ اللّهِ صلى الله علیه و آله.
فَقالَ: مِن أینَ هذا یا أبَا الحَسَنِ؟ قالَ: بَلَغَنی ما بِکَ مِنَ الخَصاصَةِ یا نَبِیَّ اللّهِ فَخَرَجتُ ألَتمِسُ عَمَلاً لِاُصیبَ لَکَ طَعاما. قالَ: فَحَمَلَکَ عَلى هذا حُبُّ اللّهِ ورَسولِهِ؟ قالَ عَلِیٌّ: نَعَم یا نَبِیَّ اللّهِ.
فَقالَ نَبِیُّ اللّهِ صلى الله علیه و آله: وَاللّهِ! ما مِن عَبدٍ یُحِبُّ اللّهَ ورَسولَهُ إلّا الفَقرُ أسرَعُ إلَیهِ مِن جَریَةِ السَّیلِ عَلى وَجهِهِ، مَن أحَبَّ اللّهَ ورَسولَهُ فَلیُعِدَّ تِجفافا ـ وإنَّما یَعنِی الصَّبرَ ـ.(5)
1033. المعجم الکبیر عن عنمة الجهنی:
خَرَجَ النَّبِیُّ صلى الله علیه و آله ذاتَ یَومٍ فَلَقِیَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنصارِ، فَقالَ: یا رَسولَ اللّهِ بِأَبی واُمّی أنتَ، إنَّهُ لَیَسوؤُنِی الَّذی أرى بِوَجهِکَ، وعَمّا هُوَ؟ قالَ: فَنَظَرَ النَّبِیُّ صلى الله علیه و آله إلى وَجهِ الرَّجُلِ ساعَةً ثُمَّ قالَ: الجوعُ.
فَخَرَجَ الرَّجُلُ یَعدو ـ أو شَبیها بِالعَدوِ ـ حَتّى أتى بَیتَهُ فَالَتمَسَ فیهِ الطَّعامَ فَلَم یَجِد شَیئا، فَخَرَجَ إلى بَنی قُرَیظَةَ فَأَجَّرَ نَفسَهُ بِکُلِّ دَلوٍ یَنزَعُها تَمرَةً حَتّى جَمَعَ حَفنَةً أو کَفّا مِن تَمرٍ، ثُمَّ رَجَعَ بِالـتَّمرِ حَتّى وَجَدَ النَّبِیَّ صلى الله علیه و آله فی مَجلِسٍ لَم یَرِم(6)، فَوَضَعَهُ بَینَ یَدَیهِ وقالَ: کُل أی رَسولَ اللّهِ، فَقالَ النَّبِیُّ صلى الله علیه و آله: مِن أینَ لَکَ هذَا الَّتمرُ؟ فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ.
فَقالَ لَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله علیه و آله : إنّی لَأَظُنُّکَ تُحِبُّ اللّهَ ورَسولَهُ؟ قالَ: أجَل، وَالَّذی بَعَثَکَ بِالحَقِّ لَأَنتَ أحَبُّ إلَیَّ مِن نَفسی ووُلدی وأهلی ومالی. فَقالَ: أمّا لا فَاصطَبِر لِلفاقَةِ، وأعِدَّ لِلبَلاءِ تِجفافا، فَوَالَّذی بَعَثَنی بِالحَقِّ! لَهُما إلى مَن یُحِبُّنی أسرَعُ مِن هُبوطِ الماءِ مِن رَأسِ الجَبَلِ إلى أسفَلِهِ.(7)
1034. الإمام علیّ علیه السلام:
مَن أحَبَّنا فَلیُعِدَّ لِلبَلاءِ جِلبابا.(8)
1035. عنه علیه السلام:
مَن تَوَلّانا فَلیَلبَس لِلمِحَنِ إهابا.(9)
1036. عنه علیه السلام:
مَن أحَبَّنا أهلَ البَیتِ فَلیَستَعِدَّ عُدَّةً لِلبَلاءِ.(10)
1037. عنه علیه السلام:
مَن أحَبَّنا أهلَ البَیتِ فَلیَستَعِدَّ لِلفَقرِ جِلبابا.(11)
1038. المؤمن عن الأصبغ بن نباتة:
کُنتُ عِندَ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام قاعِدا، فَجاءَ رَجُلٌ فَقالَ: یا أمیرَ المُؤمِنینَ، وَاللّهِ إنّی لَاُحِبُّکَ فِی اللّهِ، فَقالَ: صَدَقتَ، إنَّ طینَتَنا مَخزونَةٌ، أخَذَ اللّهُ میثاقَها مِن صُلبِ آدَمَ، فَاتَّخِذ لِلفَقرِ جِلبابا، فَإِنّی سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله علیه و آله یَقولُ: وَاللّهِ یا عَلِیُّ، إنَّ الفَقرَ لَأَسرَعُ إلى مُحِبّیکَ مِنَ السَّیلِ إلى بَطنِ الوادی.(12)
1039. الأمالی للطوسی عن الأصبغ بن نباتة:
کُنتُ جالِسا عِندَ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام فَأَتاهُ رَجُلٌ فَقالَ: یا أمیرَ المُؤمِنینَ إنّی لَاُحِبُّکَ فِی السِّرِّ کَما اُحِبُّکَ فِی العَلانِیَةِ. قالَ: فَنَکَتَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام الأَرضَ بِعودٍ کانَ فی یَدِهِ ساعَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَقالَ: کَذَبتَ وَاللّهِ، ما أعرِفُ وَجهَکَ فِی الوُجوهِ، ولَا اسمَکَ فِی الأَسماءِ.
فَعَجِبتُ مِن ذلِکَ عَجَبا شَدیدا، فَلَم أبرَح حَتّى أتاهُ رَجُلٌ آخَرُ فَقالَ: وَاللّهِ یا أمیرَ المُؤمِنینَ، إنّی لَاُحِبُّکَ فِی السِّرِّ کَما اُحِبُّکَ فِی العَلانِیَةِ. فَنَکَتَ بِعودِهِ ذلِکَ فِی الأَرضِ طَویلاً ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَقالَ: صَدَقتَ، إنّ طینَتَنا طینَةٌ مَرحومَةٌ، أخَذَ اللّهُ میثاقَها یَومَ أخَذَ المیثاقَ، فَلا یَشُذُّ مِنها شاذٌّ، ولا یَدخُلُ فیها داخِلٌ إلى یَومِ القِیامَةِ. أما إنَّهُ فَاتَّخِذ لِلفاقَةِ جِلبابا، فَإِنّی سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله علیه و آله یَقولُ: «الفاقَةُ إلى مُحِبّیکَ أسرَعُ مِنَ السَّیلِ المُنحَدِرِ مِن أعلَى الوادی إلى أسفَلِهِ».(13)
1040. رجال الکشّی عن محمّد بن مسلم:
خَرَجتُ إلَى المَدینَةِ وأنَا وَجِعٌ ثَقیلٌ، فَقیلَ لَهُ [أی لِأَبی جَعفَرٍ علیه السلام] : مُحَمَّدُ بنُ مُسلِمٍ وَجِعٌ، فَأَرسَلَ إلَیَّ أبو جَعفَرٍ بِشَرابٍ مَعَ الغُلامِ مُغَطًّى بِمِندیلٍ، فَناوَلَنیهِ الغُلامُ وقالَ لی: اِشرَبهُ فَإِنَّهُ قَد أمَرَنی أن لا أرجِعَ حَتّى تَشرَبَهُ، فَتَناوَلتُهُ فَإِذا رائِحَةُ المِسکِ مِنهُ، وإذا شَرابٌ طَیِّبُ الطَّعمِ بارِدٌ، فَلَمّا شَرِبتُهُ قالَ لِیَ الغُلامُ: یَقولُ لَکَ إذا شَرِبتَ فَتَعالَ.
فَفَکَّرتُ فیما قالَ لی ولا أقدِرُ عَلَى النُّهوضِ قَبلَ ذلِکَ عَلى رِجلی، فَلَمَّا استَقَرَّ الشَّرابُ فی جَوفی کَأَنَّما نَشَطتُ مِن عِقالٍ، فَأَتَیتُ بابَهُ فَاستَأذَنتُ عَلَیهِ، فَصَوَّتَ بی: صَحَّ الجِسمُ، ادخُل ادخُل. فَدَخَلتُ وأنا باکٍ، فَسَلَّمتُ عَلَیهِ وقَبَّلتُ یَدَهُ ورَأسَهُ، فَقالَ لی: وما یُبکیکَ یا مُحَمَّدُ؟ فَقُلتُ: جُعِلتُ فِداکَ، أبکی عَلَى اغتِرابی وبُعدِ الشُّقَّةِ وقِلَّةِ المَقدِرَةِ عَلَى المُقامِ عِندَکَ وَالنَّظَرِ إلیکَ.
فَقالَ لی: أمّا قِلَّةُ المَقدِرَةِ فَکَذلِکَ جَعَلَ اللّهُ أولِیاءَنا وأهلَ مَوَدَّتِنا وجَعَلَ البَلاءَ إلَیهِم سَریعا. وأمّا ما ذَکَرتَ مِنَ الغُربَةِ فَلَکَ بِأَبی عَبدِاللّهِ اُسوَةٌ بِأَرضٍ ناءٍ عَنّا بِالفُراتِ. وأمّا ما ذَکَرتَ مِن بُعدِ الشُّقَّةِ، فَإِنَّ المُؤمِنَ فی هذِهِ الدّارِ غَریبٌ وفی هذَا الخَلقِ المَنکوسِ حَتّى یَخرُجَ مِن هذِهِ الدّارِ إلى رَحمَةِ اللّهِ. وأمّا ما ذَکَرتَ مِن حُبِّکَ قُربَنا وَالنَّظَرَ إلَینا وأنَّکَ لا تَقدِرُ عَلى ذلِکَ، فَاللّهُ یَعلَمُ ما فی قَلبِکَ وجَزاؤُکَ عَلَیهِ.(14)
1) فی المصادر الاُخرى: «من» بدل «على».
2) مسند ابن حنبل: ج 4 ص 85 ح 11379، شُعب الإیمان: ج 7 ص 318 ح 10442، الفردوس: ج 3 ص 155 ح 4421 کلّها عن أبی سعید، کنز العمّال: ج 6 ص 483 ح 16645.
3) تِجْفافًا ـ بکسر التاء وسکون الجیم ـ: شیء من سلاح یترک على الفرس یقیه الأذى (النهایة: ج 1 ص 279 «جفف»).
4) المستدرک على الصحیحین: ج 4 ص 367 ح 7944 عن أبی ذرّ، سنن الترمذی: ج 4 ص 576 ح 2350، شُعب الإیمان: ج 2 ص 174 ح 1471 کلاهما نحوه، کنز العمّال: ج 6 ص 471 ح 16598؛ روضة الواعظین: ص 498 نحوه، بحار الأنوار: ج 61 ص 239 ح 1.
5) السنن الکبرى: ج 6 ص 197 ح 11649، تاریخ دمشق: ج 6 ص 385 ح 1565 نحوه، سیر أعلام النبلاء: ج 3 ص 54 الرقم 14، تاریخ الإسلام للذهبی: ج 4 ص 294 والقضیة فیهما منسوبة إلى الکعب بن عجرة نحوه، کنز العمّال: ج 6 ص 618 ح 17111.
6) رام بالمکان: أقام وثبت، ولم یزل فیه (المنجد: ص 290 «رام»).
7) المعجم الکبیر: ج 18 ص 84 ح 155، الإصابة: ج 4 ص 611 الرقم 6097 نحوه، اُسد الغابة: ج 4 ص 294 ح 4112 وفیه صدره إلى «قال: الجوع» ، کنز العمّال: ج 6 ص 483 ح 16644.
8) غرر الحکم: ج 5 ص 427 ح 9037، عیون الحکم والمواعظ: ص 464 ح 8443.
9) غرر الحکم: ج 5 ص 427 ح 9038، عیون الحکم والمواعظ: ص 464 ح 8444.
10) الغارات: ج 2 ص 588، تأویل الآیات الظاهرة: ج 2 ص 802 ح 9، بحار الأنوار: ج 34 ص 336؛ شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: ج 4 ص 105.
11) نهج البلاغة: الحکمة 112، الأمالی للسیّد المرتضى: ج 1 ص 13، تأویل الآیات الظاهرة: ج 2 ص 802 ح 9، بحار الأنوار: ج 34 ص 284 ح 1032؛ الفائق فی غریب الحدیث: ج 1 ص 229، النهایة فى غریب الحدیث: ج 1 ص 283 ح 37615، کنز العمّال: ج 13 ص 639.
12) المؤمن: ص 16 ح 5، أعلام الدین: ص 432، بحار الأنوار: ج 72 ص 3 ح 1.
13) الأمالی للطوسی: ص 409 ح 921، بصائر الدرجات: ص 390 ح 1، الاختصاص: ص 311 کلاهما نحوه، بحار الأنوار: ج 67 ص 227 ح 36.
14) رجال الکشّی: ج 1 ص 391 ح 281، الاختصاص: ص 52، کامل الزیارات: ص 462 ح 705، المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 181 کلاهما نحوه، بحار الأنوار: ج 46 ص 334 ح 18.