جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

مَسؤولِیَّةُ العُلَماء

زمان مطالعه: 10 دقیقه

801. الإمام علیّ علیه السلام:

أمَا وَالَّذی فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ، لَولا حُضورُ الحاضِرِ وقِیامُ الحُجَّةِ بِوُجودِ النّاصِرِ وما أخَذَ اللّهُ عَلَى العُلَماءِ أن لا یُقارّوا عَلى کِظَّةِ ظالِمٍ ولا سَغَبِ مَظلومٍ لَأَلقَیتُ حَبلَها عَلى غارِبِها، ولَسَقَیتُ آخِرَها بِکَأسِ أوَّلِها ، ولَأَلفَیتُم دُنیاکُم هذِهِ أزهَدَ عِندی مِن عَفطَةِ عَنزٍ.(1)

802. عنه علیه السلام ـ فی بَیانِ صِفاتِ المُتَّقینَ وصِفاتِ الفُسّاقِ، وَالتَّنبیهِ إلى مَکانِ العِترَةِ الطَّیِّبَةِ وَالظَّنِّ الخاطِىَ لِبَعضِ النّاسِ ـ :

عِبادَ اللّهِ! إنَّ مِن أحَبِّ عِبادِ اللّهِ إلَیهِ عَبدا أعانَهُ اللّهُ عَلى نَفسِهِ، فَاستَشعَرَ الحُزنَ وتَجَلبَبَ الخَوفَ، فَزَهَرَ مِصباحُ الهُدى فی قَلبِهِ، وأعَدَّ القِرى لِیَومِهِ النّازِلِ بِهِ… فَهُوَ مِن مَعادِنِ دینِهِ وأوتادِ أرضِهِ. قَد ألزَمَ نَفسَهُ العَدلَ، فَکانَ أوَّلَ عَدلِهِ نَفیُ الهَوى عَن نَفسِهِ، یَصِفُ الحَقَّ ویَعمَلُ بِهِ، لا یَدَعُ لِلخَیرِ غایَةً إلّا أمَّها، ولا مَظِنَّةً إلّا قَصَدَها، قَد أمکَنَ الکِتابَ مِن زِمامِهِ، فَهُوَ قائِدُهُ وإمامُهُ، یَحُلُّ حَیثُ حَلَّ ثِقلُهُ، ویَنزِلُ حَیثُ کانَ مَنزِلُهُ.

وآخَرُ قَد تَسَمّى عالِما ولَیسَ بِهِ، فَاقتَبَسَ جَهائِلَ مِن جُهّالٍ، وأضالیلَ مِن ضُلّالٍ، ونَصَبَ لِلنّاسِ أشراکا مِن حَبائِلِ غُرورٍ، وقَولِ زورٍ، قَد حَمَلَ الکِتابَ عَلى آرائِهِ، وعَطَفَ الحَقَّ عَلى أهوائِهِ، یُؤمِنُ النّاسَ مِنَ العَظائِمِ، ویُهَوِّنُ کَبیرَ الجَرائِمِ، یَقولُ: أقِفُ عِندَ الشُّبُهاتِ وفیها وَقَعَ، ویَقولُ: أعتَزِلُ البِدَعَ وبَینَهَا اضطَجَعَ، فَالصّورَةُ صورَةُ إنسانٍ، وَالقَلبُ قَلبُ حَیَوانٍ، لا یَعرِفُ بابَ الهُدى فَیَتَّبِعَهُ، ولا بابَ العَمى فَیَصُدَّ عَنهُ، وذلِکَ مَیِّتُ الأَحیاءِ.

فَأَینَ تَذهَبونَ؟! وأنّى تُؤفَکونَ؟! وَالأَعلامُ قائِمَةٌ، وَالآیاتُ واضِحَةٌ، وَالمَنارُ مَنصوبَةٌ، فَأَینَ یُتاهُ بِکُم؟! وکَیفَ تَعمَهونَ وبَینَکُم عِترَةُ نَبِیِّکُم وهُم أزِمَّةُ الحَقِّ، وأعلامُ الدّینِ، وألسِنَةُ الصِّدقِ؟! فَأَنزِلوهُم بِأَحسَنِ مَنازِلِ القُرآنِ، ورِدوهُم وُرودَ الهِیمِ العِطاشِ.

أیُّهَا النّاسُ! خُذوها عَن خاتَمِ النَّبِیّینَ صلى الله علیه و آله: إنَّهُ یَموتُ مَن ماتَ مِنّا ولَیسَ بَمَیِّتٍ، ویَبلى مَن بَلِیَ مِنّا ولَیسَ بِبالٍ، فَلا تَقولوا بِما لا تَعرِفونَ، فَإِنَّ أکثَرَ الحَقِّ فیما تُنکِرونَ، وَاعذِروا مَن لا حُجَّةَ لَکُم عَلَیهِ وهُوَ أنَا. ألَم أعمَل فیکُم بِالثَّقَلِ الأَکبَرِ وأترُک فیکُمُ الثَّقَلَ الأَصغَرَ؟! قَد رَکَزتُ فیکُم رایَةَ الإِیمانِ، ووَقَفتُکُم عَلى حُدودِ الحَلالِ وَالحَرامِ، وألبَستُکُمُ العافِیَةَ مِن عَدلی، وفَرَشتُکُمُ المَعروفَ مِن قَولی وفِعلی، وأرَیتُکُم کَرائِمَ الأَخلاقِ مِن نَفسی، فَلا تَستَعمِلُوا الرَّأیَ فیما لا یُدرِکُ قَعرَهُ البَصَرُ، ولا تَتَغَلغَلُ إلَیهِ الفِکَرُ.(2)

803. الإمام الحسین علیه السلام ـ فِی الأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهیِ عَنِ المُنکَرِ ـ :

اِعتَبِروا أیُّهَا النّاسُ بِما وَعَظَ اللّهُ بِهِ أولِیاءَهُ مِن سوءِ ثَنائِهِ عَلَى الأَحبارِ إذ یَقولُ: «لَوْلَا یَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِیُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْاءِثْمَ»(3) وقالَ: «لُعِنَ الَّذِینَ کَفَرُواْ مِن بَنِى إِسْرَاءِیلَ ـ إلى قوله: ـ لَبِئْسَ مَا کَانُواْ یَفْعَلُونَ»(4) وإنَّما عابَ اللّهُ ذلِکَ عَلَیهِم لِأَنَّهُم کانوا یَرَونَ مِنَ الظَّلَمَةِ الَّذینَ بَینَ أظهُرِهِمُ المُنکَرَ وَالفَسادَ فَلا یَنهَونَهُم عَن ذلِکَ؛ رَغبَةً فیما کانوا یَنالونَ مِنهُم، ورَهبَةً مِمّا یَحذَرونَ، وَاللّهُ یَقولُ: «فَلَا تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ»(5) وقالَ: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِیَآءُ بَعْضٍ یَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنکَرِ»(6)، فَبَدَأَ اللّهُ بِالأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهیِ عَنِ المُنکَرِ فَریضَةً مِنهُ؛ لِعلمِهِ بِأَنَّها إذا اُدِّیَت واُقیمَتِ استَقامَتِ الفَرائِضُ کُلُّها هَیِّنُها وصَعبُها، وذلِکَ أنَّ الأَمرَ بِالمَعروفِ وَالنَّهیَ عَنِ المُنکَرِ دُعاءٌ إلَى الإِسلامِ، مَعَ رَدِّ المَظالِمِ ومُخالَفَةِ الظّالِمِ وقِسمَةِ الفَیءِ وَالغَنائِمِ وأخذِ الصَّدَقاتِ مِن مَواضِعِها ووَضعِها فی حَقِّها.

ثُمَّ أنتُم أیَّتُهَا العِصابَةُ عِصابَةٌ بِالعِلمِ مَشهورَةٌ، وبِالخَیرِ مَذکورَةٌ، وبِالنَّصیحَةِ مَعروفَةٌ، وبِاللّهِ فی أنفُسِ النّاسِ مُهابَةٌ، یَهابُکُمُ الشَّریفُ، ویُکرِمُکُمُ الضَّعیفُ، ویُؤثِرُکُم مَن لا فَضلَ لَکُم عَلَیهِ ولا یَدَ لَکُم عِندَهُ، تَشفَعونَ فِی الحَوائِجِ إذَا امتَنَعَت مِن طُلّابِها، وتَمشونَ فِی الطَّریقِ بِهَیبَةِ / بِهَیئَةِ) المُلوکِ وکَرامَةِ الأَکابِرِ، ألَیسَ کُلُّ ذلِکَ إنَّما نِلتُموهُ بِما یُرجى عِندَکُم مِنَ القِیامِ بِحَقِّ اللّهِ وإن کُنتُم عَن أکثَرِ حَقِّه تُقَصِّرونَ؟! فَاستَخفَفتُم بِحَقِّ الأَئِمَّةِ، فَأَمّا حَقَّ الضُّعَفاءِ فَضَیَّعتُم، وأمّا حَقَّکُم بِزَعمِکُم فَطَلَبتُم، فَلا مالاً بَذَلُتموهُ، ولا نَفسا خاطَرتُم بِها لِلَّذی خَلَقَها، ولا عَشیرَةً عادَیتُموها فی ذاتِ اللّهِ، أنتُم تَتَمَنَّونَ عَلَى اللّهِ جَنَّتَهُ ومُجاوَرَةَ رُسُلِهِ وأمانا مِن عَذابِهِ.

لَقَد خَشیتُ عَلَیکُم أیُّهَا المُتَمَنّونَ عَلَى اللّهِ أن تَحُلَّ بِکُم نَقِمَةٌ مِن نَقِماتِهِ؛ لِأَنَّکُم بَلَغتُم مِن کَرامَةِ اللّهِ مَنزِلَةً فُضِّلتُم بِها، ومَن یُعرَفُ بِاللّهِ لا تُکرِمونَ وأنتُم بِاللّهِ فی عِبادِهِ تُکرَمونَ، وقَد تَرَونَ عُهودَ اللّهِ مَنقوضَةً فَلا تَفزَعونَ، وأنتُم لِبَعضِ ذِمَمِ آبائِکُم تَفزَعونَ، وذِمَّةُ رَسولِ اللّهِ صلى الله علیه و آله مَحقورَةٌ / مَخفورَةٌ)، وَالعُمیُ وَالبُکمُ وَالزَّمنى(7) فِی المَدائِنِ مُهمَلَةٌ، لا تَرحَمونَ، ولا فی مَنزِلَتِکُم تَعمَلونَ، ولا مَن عَمِلَ فیها تُعینونَ، وبِالاِدِّهانِ وَالمُصانَعَةِ عِندَ الظَّلَمَةِ تَأمَنونَ، کُلُّ ذلِکَ مِمّا أمَرَکُمُ اللّهُ بِهِ مِنَ النَّهیِ وَالتَّناهی وأنتُم عَنهُ غافِلونَ. وأنتُم أعظَمُ النّاسِ مُصیبَةً لِما غُلِبتُم عَلَیهِ مِن مَنازِلِ العُلَماءِ لَو کُنتُم تَشعُرونَ / تَعنونَ). ذلِکَ بِأَنَّ مَجارِیَ الاُمورِ وَالأَحکامِ عَلى أیدِی العُلَماءِ بِاللّهِ الاُمَناءِ عَلى حَلالِهِ وحَرامِهِ، فَأَنتُمُ المَسلوبونَ تِلکَ المَنزِلَةَ، وما سُلِبتُم ذلِکَ إلّا بِتَفَرُّقِکُم عَنِ الحَقِّ وَاختِلافِکُم فِی السُّنَّةِ بَعدَ البَیِّنَةِ الواضِحَةِ. ولَو صَبَرتُم عَلَى الأَذى وتَحَمَّلتُمُ المَؤونَةَ فی ذاتِ اللّهِ کانَت اُمورُ اللّهِ عَلَیکُم تَرِدُ وعَنکُم تَصدُرُ وإلَیکُم تَرجِعُ، ولکِنَّکُم مَکَّنتُمُ الظَّلَمَةَ مِن مَنزِلَتِکُم، وأسلَمتُم(8) اُمورَ اللّهِ فی أیدیهِم، یَعمَلونَ بِالشُّبُهاتِ ویَسیرونَ فِی الشَّهَواتِ، سَلَّطَهُم عَلى ذلِکَ فِرارُکُم مِنَ المَوتِ وإعجابُکُم بِالحَیاةِ الَّتی هِیَ مُفارِقَتُکُم، فَأَسلَمتُمُ الضُّعَفاءَ فی أیدیهِم، فَمِن بَینِ مُستَعبَدٍ مَقهورٍ وبَینَ مُستَضعَفٍ عَلى مَعیشَتِهِ مَغلوبٍ، یَتَقَلَّبونَ فِی المُلکِ بِآرائِهِم / بآراءِکُم) ویَستَشعِرونَ الخِزیَ بِأَهوائِهِمُ، اقتِداءً بِالأَشرارِ وجُرأَةً عَلَى الجَبّارِ. فی کُلِّ بَلَدٍ مِنهُم عَلى مِنبَرِهِ خَطیبٌ یَصقَعُ، فَالأَرضُ لَهُم شاغِرَةٌ، وأیدیهِم فیها مَبسوطَةٌ، وَالنّاسُ لَهُم خَوَلٌ(9) ، لا یَدفَعونَ یَدَ لامِسٍ، فَمِن بَینِ جَبّارٍ عَنیدٍ وذی سَطوَةٍ عَلَى الضَّعَفَةِ شَدیدٍ، مُطاعٍ لا یَعرِفُ المُبدِئَ المُعیدَ.

فَیا عَجَبا! وما لیَ [لا] أعجَبُ وَالأَرضُ مِن غاشٍّ غَشومٍ، ومُتَصَدِّقٍ ظَلومٍ، وعامِلٍ عَلَى المُؤمِنینَ بِهِم غَیرِ رَحیمٍ، فَاللّهُ الحاکِمُ فیما فیهِ تَنازَعنا، وَالقاضی بِحُکمِهِ فیما شَجَرَ بَینَنا.

اللّهُمَّ إنَّکَ تَعلَمُ أنَّهُ لَم یَکُن ما کانَ مِنّا تَنافُسا فی سُلطانٍ ولَا الِتماسا مِن فُضولِ الحُطامِ، ولکِن لِنُرِیَ المَعالِمَ مِن دینِکَ، ونُظهِرَ الإِصلاحَ فی بِلادِکَ، ویَأمَنَ المَظلومونَ مِن عِبادِکَ، ویُعمَلَ بِفَرائِضِکَ وسُنَنِکَ وأحکامِکَ، فَإِن لَم تَنصُرونا وتُنصِفونا قَوِیَ الظَّلَمَةُ عَلَیکُم وعَمِلوا فی إطفاءِ نورِ نَبِیِّکُم. وحَسبُنَا اللّهُ، وعَلَیهِ تَوَکَّلنا وإلَیهِ أنَبنا وإلَیهِ المَصیرُ.(10)

804. الإمام زین العابدین علیه السلام ـ فی کِتابِهِ إلى مُحَمَّدِ بنِ مُسلِمٍ الزُّهرِیِّ یَعِظُهُ ـ :

کَفانَا اللّهُ وإیّاکَ مِنَ الفِتَنِ ورَحِمَکَ مِنَ النّارِ، فَقَد أصبَحتَ بِحالٍ یَنبَغی لِمَن عَرَفَکَ بِها أن یَرحَمَکَ، فَقَد أثقَلَتکَ نِعَمُ اللّهِ بِما أصَحَّ من بَدَنِکَ وأطالَ مِن عُمُرِکَ، وقامَت عَلَیکَ حُجَجُ اللّهِ بِما حَمَّلَکَ مِن کِتابِهِ، وفَقَّهَکَ فیهِ مِن دینِهِ، وعَرَّفَکَ مِن سُنَّةِ نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله علیه و آله، فَرَضِیَ لَکَ فی کُلِّ نِعمَةٍ أنعَمَ بِها عَلَیکَ، وفی کُلِّ حُجَّةٍ اِحتَجَّ بِها عَلَیکَ الفَرضَ بِما قَضى، فَما قَضى إلَا ابتَلى شُکرَکَ فی ذلِکَ وأبدى فیهِ فَضلَهُ عَلَیکَ، فَقالَ: «لَئِن شَکَرْتُمْ لَأَزِیدَنَّکُمْ وَلَئِن کَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِیدٌ».(11)

فَانظُر أیَّ رَجُلٍ تَکونُ غَدا إذا وَقَفتَ بَینَ یَدَیِ اللّهِ فَسَأَلَکَ عَن نِعَمِهِ عَلَیکَ کَیفَ رَعَیتَها؟ وعَن حُجَجِهِ عَلَیکَ کَیفَ قَضَیتَها؟ ولا تَحسَبَنَّ اللّهَ قابِلاً مِنکَ بِالتَّعذیرِ ولا راضِیا مِنکَ بِالتَّقصیرِ، هَیهاتَ هَیهاتَ! لَیسَ کَذلِکَ، أخَذَ عَلَى العُلَماءِ فی کِتابِهِ إذ قالَ: «لَتُبَیِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَکْتُمُونَهُ».(12) وَاعلَم أنَّ أدنى ما کَتَمتَ وأخَفَّ مَا احتَمَلتَ أن آنَستَ وَحشَةَ الظّالِمِ وسَهَّلتَ لَهُ طَریقَ الغَیِّ بِدُنُوِّکَ مِنهُ حینَ دَنَوتَ وإجابَتِکَ لَهُ حینَ دُعیتَ، فَما أخوَفَنی أن تَکونَ تَبوءُ بِإِثمِکَ غَدا مَع الخَوَنَةِ، وأن تُسأَلَ عَمّا أخَذتَ بِإِعانَتِکَ عَلى ظُلمِ الظَّلَمَةِ، إنَّکَ أخَذتَ ما لَیسَ لَکَ مِمَّن أعطاکَ، ودَنَوتَ مِمَّن لَم یَرُدَّ عَلى أحَدٍ حَقّا ولَم تَرُدَّ باطِلاً حینَ أدناکَ، وَأحبَبتَ / وَأجَبتَ) مَن حادَّ اللّهَ. أوَلَیسَ بِدُعائِهِ إیّاکَ حینَ دَعاکَ جَعَلوکَ قُطبا أداروا بِکَ رَحى مَظالِمِهِم، وجِسرا یَعبُرونَ عَلَیکَ إلى بَلایاهُم، وسُلَّما إلى ضَلالَتِهِم؟! داعِیا إلى غَیِّهِم، سالِکا سَبیلَهُم، یُدخِلونَ بِکَ الشَّکَّ عَلَى العُلَماءِ، ویَقتادونَ بِکَ قُلوبَ الجُهّالِ إلَیهِم، فَلَم یَبلُغ أخَصُّ وُزَرائِهِم ولا أقوى أعوانِهِم إلّا دونَ ما بَلَغتَ مِن إصلاحِ فَسادِهِم وَاختِلافِ الخاصَّةِ وَالعامَّةِ إلَیهِم، فَما أقَلَّ ما أعطَوکَ فی قَدرِ ما أخَذوا مِنکَ؟! وما أیسَرَ ما عَمَروا لَکَ فَکَیفَ ما خَرَّبوا عَلَیکَ؟!

فَانظُر لِنَفسِکَ فَإِنَّهُ لا یَنظُرُ لَها غَیرُکَ، وحاسِبها حِسابَ رَجُلٍ مَسؤولٍ. وَانظُر کَیفَ شُکرُکَ لِمَن غَذّاکَ بِنِعَمِهِ صَغیرا وکَبیرا؟ فَما أخوَفَنی أن تَکونَ کَما قالَ اللّهُ فی کِتابِهِ: «فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْکِتَابَ یَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَْدْنَى وَ یَقُولُونَ سَیُغْفَرُ لَنَا»(13) إنَّکَ لَستَ فی دارِ مُقامٍ، أنتَ فی دارٍ قَد آذَنَت بِرَحیلٍ، فَما بَقاءُ المَرءِ بَعدَ قُرَنائِهِ؟! طوبى لِمَن کانَ فِی الدُّنیا عَلى وَجَلٍ، یا بُؤسَ لِمَن یَموتُ وتَبقى ذُنوبُهُ مِن بَعدِهِ!

اِحذَر فَقَد نُبِّئتَ، وبادِر فَقَد اُجِّلتَ، إنَّکَ تُعامِلُ مَن لا یَجهَلُ، وإنَّ الَّذی یَحفَظُ عَلَیکَ لا یَغفُلُ، تَجَهَّز فَقَد دَنا مِنکَ سَفَرٌ بَعیدٌ، وداوِ ذَنبَکَ فَقَد دَخَلَهُ سُقمٌ شَدیدٌ.

ولا تَحسَب أنّی أرَدتُ تَوبیخَکَ وتَعنیفَکَ وتَعییرَکَ، لکِنّی أرَدتُ أن یَنعَشَ اللّهُ ما [قَد] فاتَ مِن رَأیِکَ ویَرُدَّ إلَیکَ ما عَزَبَ مِن دینِکَ، وذَکَرتُ قَولَ اللّهِ تَعالى فی کِتابِهِ: «وَ ذَکِّرْ فَإِنَّ الذِّکْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِینَ».(14)

أغفَلتَ ذِکرَ مَن مَضى مِن أسنانِکَ وأقرانِکَ، وبَقیتَ بَعدَهُم کَقَرنٍ أعضَبَ. اُنظُر هَلِ ابتُلوا بِمِثلِ مَا ابتُلیتَ؟ أم هَل وَقَعوا فی مِثلِ ما وَقَعتَ فیهِ؟ أم هَل تَراهُم ذَکرتَ خَیرا أهمَلوهُ وعَلِمتَ شَیئا جَهِلوهُ؟ بَل حَظیتَ بِما حَلَّ مِن حالِکَ فی صُدورِ العامَّةِ وکَلَفِهِم(15) بِکَ، إذ صاروا یَقتَدونَ بِرَأیِکَ ویَعمَلونَ بِأَمرِکَ؛ إن أحلَلتَ أحَلّوا وإن حَرَّمتَ حَرَّموا، ولَیسَ ذلِکَ عِندَکَ، ولکِن أظهَرَهُم عَلَیکَ رَغبَتُهُم فیما لَدَیکَ، [ و](16) ذَهابُ عُلَمائِهِم، وغَلَبَةُ الجَهلِ عَلَیکَ وعَلَیهِم، وحُبُّ الرِّئاسَةِ وطَلَبُ الدُّنیا مِنکَ ومِنهُم. أما تَرى ما أنتَ فیهِ مِنَ الجَهلِ وَالغِرَّةِ ومَا النّاسُ فیهِ مِنَ البَلاءِ وَالفِتنَةِ؟! قَدِ ابتَلَیتَهُم وفَتَنتَهُم بِالشُّغلِ عَن مَکاسِبِهِم مِمّا رَأَوا، فَتاقَت نُفوسُهُم إلى أن یَبلُغوا مِنَ العِلمِ ما بَلَغتَ، أو یُدرِکوا بِهِ مِثلَ الَّذی أدرَکتَ، فَوَقَعوا مِنکَ فی بَحرٍ لایُدرَکُ عُمقُهُ، وفی بَلاءٍ لایُقدَرُ قَدرُهُ، فَاللّهُ لَنا ولَکَ وهُوَ المُستَعانُ.

أمّا بَعدُ، فَأَعرِض عَن کُلِّ ما أنتَ فیهِ حَتّى تَلحَقَ بِالصّالِحینَ، الّذینَ دُفِنوا فی أسمالِهِم، لاصِقَةً بُطونُهُم بِظُهورِهِم، لَیسَ بَینَهُم وبَینَ اللّهِ حِجابٌ، ولا تَفتِنُهُمُ الدُّنیا ولا یُفتَنونَ بِها، رَغِبوا فَطَلَبوا فَما لَبِثوا أن لَحِقوا. فَإِذا کانَتِ الدُّنیا تَبلُغُ مِن مِثلِکَ هذَا المَبلَغَ ـ مَعَ کِبَرِ سِنِّکَ ورُسوخِ عِلمِکَ وحُضورِ أجَلِکَ ـ فَکَیفَ یَسلَمُ الحَدَثُ فی سِنِّهِ، الجاهِلُ فی عِلمِهِ، المَأفونُ فی رَأیِهِ، المَدخولُ فی عَقلِهِ؟! إنّا للّهِِ وإنّا إلَیهِ راجِعونَ. عَلى مَنِ المُعَوَّلُ؟ وعِندَ مَنِ المُستَعتَبُ؟ نَشکو إلَى اللّهِ بَثَّنا وما نَرى فیکَ، ونَحتَسِبُ عِندَ اللّهِ مُصیبَتَنا بِکَ.

فَانظُر کَیفَ شُکرُکَ لِمَن غَذّاکَ بِنِعَمِهِ صَغیرا وکَبیرا؟ وکَیفَ إعظامُکَ لِمَن جَعَلَکَ بِدینِهِ فِی النّاسِ جَمیلاً؟ وکَیفَ صِیانَتُکَ لِکِسوَةِ مَن جَعَلَکَ بِکِسوَتِهِ فِی النّاسِ سَتیرا؟ وکَیفَ قُربُکَ أو بُعدُکَ مِمَّن أمَرَکَ أن تَکونَ مِنهُ قَریبا ذَلیلاً؟ ما لَکَ لا تَنتَبِهُ مِن نَعسَتِکَ وتَستَقیلُ مِن عَثرَتِکَ؟! فَتَقولَ: وَاللّهِ ما قُمتُ للّهِِ مَقاما واحِدا أحیَیتُ بِهِ لَهُ دینا أو أمَتُّ لَهُ فیهِ باطِلاً، فَهذا شُکرُکَ مَنِ استَحمَلَکَ / استَعمَلَکَ)! ما أخوَفَنی أن تَکونَ کَمَن قالَ اللّهُ تَعالى فی کِتابِهِ: «أَضَاعُواْ الصَّلَاةَ وَ اتَّبَعُواْ الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ یَلْقَوْنَ غَیًّا»(17) اِستَحمَلَکَ کِتابَهُ وَاستَودَعَکَ عِلمَهُ فَأَضَعتَها، فَنَحمَدُ اللّهَ الَّذی عافانا مِمَّا ابتَلاکَ بِهِ، وَالسَّلامُ.(18)

805. الکافی عن یزید بن عبد اللّه عمّن حدّثه:

کَتَبَ أبو جَعفَرٍ علیه السلام إلى سَعدِ الخَیرِ:

بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ

أمّا بَعدُ، فَإِنّی اُوصیکَ بِتَقوَى اللّهِ فَإِنَّ فیهَا السَّلامَةَ مِنَ التَّلَفِ وَالغَنیمَةَ فِی المُنقَلَبِ، إنَّ اللّهَ عز و جل یَقی بِالتَّقوى عَنِ العَبدِ ما عَزُبَ عَنهُ عَقلُهُ(19)، ویَجلی بِالتَّقوى عَنهُ عَماهُ وجَهلَهُ، وبِالتَّقوى نَجا نوحٌ ومَن مَعَهُ فِی السَّفینَةِ وصالِحٌ ومَن مَعَهُ مِنَ الصّاعِقَةِ، وبِالتَّقوى فازَ الصّابِرونَ ونَجَت تِلکَ العُصَبُ(20) مِنَ المَهالِکِ، ولَهُم إخوانٌ عَلى تِلکَ الطَریقَةِ یَلتَمِسونَ تِلکَ الفَضیلَةَ، نَبَذوا طُغیانَهُم مِنَ الإِیرادِ بِالشَّهَواتِ لِما بَلَغَهُم فِی الکِتابِ مِنَ المَثُلاتِ، حَمِدوا رَبَّهُم عَلى مارَزَقَهُم وهُوَ أهلُ الحَمدِ، وذَمّوا أنفُسَهُم عَلى مافَرَّطوا وهُم أهلُ الذَّمِّ، وعَلِموا أنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالى الحَلیمَ العَلیمَ، إنَّما غَضَبُهُ عَلى مَن لَم یَقبَل مِنهُ رِضاهُ، وإنَّما یَمنَعُ مَن لَم یَقبَل مِنهُ عَطاهُ، وإنَّما یُضِلُّ مَن لَم یَقبَل مِنهُ هُداهُ. ثُمَّ أمکَنَ أهلَ السَّیِّئاتِ مِنَ التَّوبَةِ بِتَبدیلِ الحَسَناتِ، دَعا عِبادَهُ فِی الکِتابِ إلى ذلِکَ بِصَوتٍ رَفیعٍ لَم یَنقَطِع ولَم یَمنَع دُعاءَ عِبادِهِ، فَلَعَنَ اللّهُ الَّذینَ یَکتُمونَ ما أنزَلَ اللّهُ، وکَتَبَ عَلى نَفسِهِ الرَّحمَةَ فَسَبَقَت قَبلَ الغَضَبِ، فَتَمَّت صِدقا وعَدلاً. فَلَیسَ یَبتَدِئُ العِبادَ بِالغَضَبِ قَبلَ أن یُغضِبوهُ ، وذلِکَ مِن عِلمِ الیَقینِ وعِلمِ التَّقوى. وکُلُّ اُمَّةٍ قَد رَفَعَ اللّهُ عَنهُم عِلمَ الکِتابِ حینَ نَبَذوهُ ووَلّاهُم عَدُوَّهُم حینَ تَوَلَّوهُ.

وکانَ مِن نَبذِهِمُ الکِتابَ أن أقاموا حُروفَهُ وحَرَّفوا حُدودَهُ، فَهُم یَروونَهُ ولا یَرعَونَهُ، وَالجُهّالُ یُعجِبُهُم حِفظُهُم لِلرِّوایَةِ، وَالعُلَماءُ یَحزُنُهُم تَرکُهُم لِلرِّعایَةِ.

وکانَ مِن نَبذِهِمُ الکِتابَ أن وَلَّوهُ الَّذینَ لایَعلَمونَ(21)، فَأَورَدوهُمُ الهَوى، وأصدَروهُم إلَى الرَّدى، وغَیَّروا عُرى الدّینِ، ثُمَّ وَرَّثوهُ فِی السَّفَهِ وَالصِّبا(22)، فَالاُمَّةُ یَصدُرونَ عَن أمرِ النّاسِ بَعدَ أمرِ اللّهِ تَبارَکَ وتَعالى وعَلَیهِ یَرِدونَ، فَبِئسَ لِلظّالِمینَ بَدَلاً وَلایَةُ النّاسِ(23) بَعدَ وَلایَةِ اللّهِ، وثَوابُ النّاسِ بَعدَ ثَوابِ اللّهِ، ورِضَا النّاسِ بَعدَ رِضَا اللّهِ، فَأَصبَحَتِ الاُمَّةُ کَذلِکَ وفیهِمُ الُمجتَهِدونَ فِی العِبادَةِ عَلى تِلکَ الضَّلالَةِ، مُعجَبونَ مَفتونونَ، فَعِبادَتُهُم فِتنَةٌ لَهُم ولِمَنِ اقتَدى بِهِم.

وقَد کانَ فِی الرُّسُلِ ذِکرى لِلعابِدینَ، إنَّ نَبِیّا مِنَ الأَنبِیاءِ کانَ یَستَکمِلُ الطّاعَةَ، ثُمَّ یَعصِی اللّهَ تَبارَکَ وتَعالى فِی البابِ الواحِدِ، فَخَرَجَ بِهِ مِنَ الجَنَّةِ(24) و(25) یُنبَذُ بِهِ فی بَطنِ الحوتِ، ثُمَّ لا یُنجیهِ إلَا الاِعتِرافُ وَالتَّوبَةُ. فَاعرِف أشباهَ الأَحبارِ وَالرُّهبانِ الَّذینَ ساروا بِکِتمانِ الکِتابِ وتَحریفِهِ، فَما رَبِحَت تِجارَتُهُم وما کانوا مُهتَدینَ.

ثُمَّ اعرِف أشباهَهُم مِن هذِهِ الاُمَّةِ الَّذینَ أقاموا حُروفَ الکِتابِ وحَرَّفوا حُدودَهُ(26)، فَهُم مَعَ السّادَةِ وَالکَبَرَةِ / وَالکَثرَةِ)، فَإِذا تَفَرَّقَت قادَةُ الأَهواءِ کانوا مَعَ أکثَرِهِم دُنیا، وذلِکَ مَبلَغُهُم مِنَ العِلمِ(27) لایَزالونَ کَذلِکَ فی طَبَعٍ(28) وطَمَعٍ، لایَزالُ یُسمَعُ صَوتُ إبلیسَ عَلى ألسِنَتِهِم بِباطِلٍ کَثیرٍ. یَصبِرُ مِنهُمُ العُلَماءُ عَلَى الأَذى وَالتَّعنیفِ، ویَعیبونَ عَلَى العُلَماءِ بِالتَّکلیفِ(29) وَالعُلَماءُ فی أنفُسِهِم خانَةٌ إن کَتَمُوا النَّصیحَةَ ، إن رَأَوا تائِها ضالّاً لایَهدونَهُ أو مَیِّتا لا یُحیونَهُ، فَبِئسَ ما یَصنَعونَ! لِأَنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالى أخَذَ عَلَیهِمُ المیثاقَ فِی الکِتابِ أن یَأمُروا بِالمَعروفِ وبِما اُمِروا بِهِ، وأن یَنهَوا عَمّا نُهوا عَنهُ، وأن یَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى ولایَتَعاوَنوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوانِ، فَالعُلَماءُ مِنَ الجُهّالِ فی جَهدٍ وجِهادٍ؛ إن وَعَظَت قالوا: طَغَت، وإن عَلِموا / عَمِلوا) الحَقَّ الَّذی تَرَکوا قالوا: خالَفَت، وإنِ اعتَزَلوهُم قالوا: فارَقَت، وإن قالوا: هاتوا بُرهانَکُم عَلى ما تُحَدِّثونَ قالوا: نافَقَت، وإن أطاعوهُم قالوا: عَصَیتَ اللّهَ عز و جل، فَهَلَکَ جُهّالٌ فیما لایَعلَمونَ، اُمِّیّونَ فیما یَتلونَ، یُصَدِّقونَ بِالکِتابِ عِندَ التَّعریفِ ویُکَذِّبونَ بِهِ عِندَ التَّحریفِ، فَلا یُنکَرونَ. اُولئِکَ أشباهُ الأَحبارِ وَالرُّهبانِ، قادَةٌ فِی الهَوى، سادَةٌ فِی الرَّدى.

وآخَرونَ مِنهُم جُلوسٌ بَینَ الضَّلالَةِ وَالهُدى، لایَعرِفونَ إحدَى الطّائِفَتَینِ مِنَ الاُخرى، یَقولونَ ما کانَ النّاسُ یَعرِفونَ هذا ولا یَدرونَ ما هُوَ، وصَدَقوا، تَرَکَهُم رَسولَ اللّهِ صلى الله علیه و آله عَلَى البَیضاءِ(30) لَیلُها مِن نَهارِها، لَم یَظهَر فیهِم بِدعَةٌ ولَم یُبَدَّل فیهِم سُنَّةٌ، لا خِلافَ عِندَهُم ولَا اختِلافَ، فَلَمّا غَشِیَ النّاسَ ظُلمَةُ خَطایاهُم صاروا إمامَینِ: داعٍ إلَى اللّهِ تَبارَکَ وتَعالى وداعٍ إلَى النّارِ، فَعِندَ ذلِکَ نَطَقَ الشَّیطانُ، فَعَلا صَوتُهُ عَلى لِسانِ أولِیائِهِ، وکَثُرَ خَیلُهُ ورَجِلُهُ(31)، وشارَکَ فِی المالِ وَالوَلَدِ مَن أشرَکَهُ، فَعَمِلَ بِالبِدعَةِ وتَرَکَ الِکتابَ وَالسُّنَّةَ. ونَطَقَ أولِیاءُ اللّهِ بِالحُجَّةِ وأخَذوا بِالکِتابِ وَالحِکمَةِ، فَتَفَرَّقَ مِن ذلِکَ الیَومِ أهلُ الحَقِّ وأهلُ الباطِلِ، وتَخاذَلَ(32) وتَهادَنَ أهلُ الهُدى، وتَعاوَنَ أهلُ الضَّلالَةِ، حَتّى کانَتِ الجَماعَةُ مَعَ فُلانٍ وأشباهِهِ، فَاعرِف هذَا الصِّنفَ.

وصِنفٌ آخَرُ، فَأَبصِرهُم رَأیَ العَینِ نُجَباءَ(33)، وَالزَمهُم حَتّى تَرِدَ أهلَکَ، فَ «إِنَّ الْخَاسِرِینَ الَّذِینَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَ أَهْلِیهِمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَلَا ذَ لِکَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِینُ»(34)(35)


1) نهج البلاغة: الخطبة 3، معانی الأخبار: ص 362 ح 1، علل الشرائع: ص 151 ح 12، الإحتجاج: ج 1 ص 458 ح 105 والثلاثة الأخیرة عن ابن عبّاس، المناقب لابن شهرآشوب: ج 2 ص 205، بحار الأنوار : ج 29 ص 499 ح 1.

2) نهج البلاغة: الخطبة 87، بحار الأنوار: ج 2 ص 56 ح 36.

3) المائدة: 63.

4) المائدة: 78 و 79.

5) المائدة: 44.

6) التوبة: 71.

7) الزَّمنى: جمع زَمِن: جنس للبلایا التی یصابون بها ویدخلون فیها وهم لها کارهون (لسان العرب: ج 13 ص 199 «زمن»).

8) فی الطبعة المعتمدة «واستسلمتم» ، والصواب ما أثبتناه کما فی طبعة النجف سنة 1380 ه: ص 169.

9) الخَوَل: الخدم والحشم (المصباح المنیر: ص 184 «خال»).

10) تحف العقول: ص 237، بحار الأنوار: ج 100 ص 79 ح 37؛ المعیار والموازنة: ص 274 نحوه.

11) إبراهیم: 7.

12) آل عمران: 187.

13) الأعراف: 169.

14) الذاریات: 55.

15) کَلِف بالشیء کَلَفًا وکُلفةً فهو کلِف ومکلّف: لهج به، کلِف بها أشدّ الکَلَف أی أحبّها. الکَلَف: الولوع بالشیء مع شغل قلب ومشقّة (لسان العرب: ج 9 ص 307 «کلف»).

16) ما بین المعقوفین إضافة منّا یقتضیها السیاق، ولعلّها سقطت من النسّاخ.

17) مریم: 59.

18) تحف العقول: ص 274، بحار الأنوار: ج 78 ص 132 ح 2؛ تاریخ دمشق: ج 22 ص 41 نحوه.

19) عزب: أی بعُد (النهایة: ج 3 ص 226 «عزب»)، وفی بعض النسخ «نفى بالتقوى عن العبد ماعزب عنه عقله» (کما فی هامش الکافی).

20) العصب: جمع العصبة، و هی الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعین (النهایة: ج 3 ص 243 «عصب»).

21) أی جعلوا ولیّ الکتاب والقیّم علیه والحاکم به الذین لایعلمونه، وجعلوهم رؤساء على أنفسهم یتّبعونهم فی الفتاوى وغیرها (مرآة العقول: ج 25 ص 115).

22) أی جعلوه میراثًا یرثه کلّ سفیه جاهل أو صبیّ غیر عاقل. وقوله الآتی: «بعد أمراللّه » أی صدوره أو الاطّلاع علیه أو ترکه، والورود والصدور کنایتان عن الإتیان للسؤال والأخذ والرجوع بالقبول (مرآة العقول : ج 25 ص 116).

23) ولایة الناس: هو المخصوص بالذم (مرآة العقول: ج 25 ص 116).

24) أشار به إلى آدم علیه السلام، والمراد بالعصیان هنا ترک الأولى.

25) الواو هنا بمعنى «أو» ، أشار به إلى یونس علیه السلام.

26) إنّما شبّه هؤلاء العباد وعلماء العوام المفتونین بالحُطام بالأحبار والرهبان لشرائهم الدنیا بالآخرة بکتمانهم العلم، وتحریفهم الکلم عن مواضعه وأکلهم أموال الناس بالباطل، وصدّهم عن سبیل اللّه، کما أنّهم کانوا کذلک على ما وصفهم اللّه فی القرآن فی عدّة مواضع، والمراد بالسادة والکبرة: السلاطین والحکّام وأعوانهم الظلمة (الوافی: ج 26 ص 93).

27) إشارة إلى الآیة 31 من سورة النجم.

28) الطبع ـ بالتحریک ـ: الرین، و ـ بالسکون ـ: الختم (کما فی هامش الکافی).

29) «منهم» أی من أشباه الأحبار والرهبان«العلماء» یعنی العلماء باللّه الربّانیّین. «بالتکلیف» یعنی تکلیفهم بالحقّ (الوافی: ج 26 ص 94).

30) یعنی الشریعة، الواضح مجهولها عن معلومها، وعالمها عن جاهلها (الوافی: ج 26 ص 94).

31) خیله وَرَجلُه: أی فرسانَه ورجّالته، قوله تعالى: «وَ أَجْلِبْ عَلَیْهِم بِخَیْلِکَ وَ رَجِلِکَ» أی بفرسانِکَ ورجّالتک (مجمع البحرین: ج 2 ص 681 «رجل»).

32) أی ترکوا نصرة الحقّ. وفی بعض النسخ «تخادن» من الخِدْن وهو الصدیق. وتهادن من المهادنة بمعنى المصالحة، وفی بعض النسخ «تهاون» أی عن نصرة الحقّ، وهذا أنسب للتخاذل، کما أنّ التهادن أنسب للتخادن (مرآة العقول: ج 25 ص 121).

33) بالنون والجیم والباء الموحّدة، وفی بعض النسخ «تحیا» من الحیاة (الوافی: ج 26 ص 94).

34) الزمر: 15.

35) الکافی: ج 8 ص 52 ح 16، بحار الأنوار: ج 78 ص 359 ح 2.