700. الإمام الحسین علیه السلام ـ مِن خُطبَتِهِ لَمّا عَزَمَ عَلَى الخُروجِ إلَى العِراقِ ـ :
الحَمدُ للّهِِ وما شاءَ اللّهُ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللّهِ، وصَلَّى اللّهُ عَلى رَسولِهِ وسَلَّمَ، خُطَّ المَوتُ عَلى وُلدِ آدَمَ مَخَطَّ القِلادَةِ عَلى جیدِ الفَتاةِ، وما أولَهَنی إلى أسلافِی اشتِیاقی کَاشتِیاقِ یَعقوبَ إلى یوسُفَ، وخِیرَ لی مَصرَعٌ أنَا لاقیهِ، کَأَنّی بِأَوصالی تَتَقَطَّعُها عَسَلانُ الفَلَواتِ بَینَ النَّواویسِ وکَربَلاءَ، فَیَملَأَنَّ مِنّی أکراشا جَوفا وأجرِبَةً سُغبا، لا مَحیصَ عَن یَومٍ خُطَّ بِالقَلَمِ، رِضَا اللّهِ رِضانا أهلَ البَیتِ، نَصبِرُ عَلى بَلائِهِ ویُوَفّینا اُجورَ الصّابِرینَ، لَن تَشِذَّ عَن رَسولِ اللّه صلى الله علیه و آله لُحمَتُهُ، هِیَ مَجموعَةٌ لَهُ فی حَظیرَةِ القُدسِ تَقَرُّ بِهِم عَینُهُ، ویُنجَزُ لَهُم وَعدُهُ. مَن کانَ باذِلاً فینا مُهجَتَهُ، ومُوَطِّنا عَلى لِقائِنا نَفسَهُ، فَلیَرحَل، فَإِنّی راحِلٌ مُصبِحا إن شاءَ اللّهُ.(1)
701. الإمام زین العابدین علیه السلام:
لَمَّا اشتَدَّ الأَمرُ بِالحُسَینِ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السلام نَظَرَ إلَیهِ مَن کانَ مَعَهُ فَإِذا هُوَ بِخِلافِهِم؛ لِأَنَّهُم کُلَّمَا اشتَدَّ الأَمرُ تَغَیَّرَت ألوانُهُم وَارتَعَدَت فَرائِصُهُم ووَجَبَت(2) قُلوبُهُم. وکانَ الحُسَینُ علیه السلام وبَعضُ مَن مَعَهُ مِن خَصائِصِهِ تُشرِقُ ألوانُهُم وتَهدَأُ جَوارِحُهُم وتَسکُنُ نُفوسُهُم، فَقالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ: اُنظُروا، لا یُبالی بِالمَوتِ! فَقالَ لَهُمُ الحُسَینُ علیه السلام: صَبرا بَنِی الکِرامِ، فَمَا المَوتُ إلّا قَنطَرَةٌ تَعبُرُ بِکُم عَنِ البُؤسِ وَالضَّرّاءِ إلَى الجِنانِ الواسِعَةِ وَالنَّعیمِ الدّائِمَةِ، فَأَیُّکُم یَکرَهُ أن یَنتَقِلَ مِن سِجنٍ إلى قَصرٍ؟! وما هُوَ لِأَعدائِکُم إلّا کَمَن یَنتَقِلُ مِن قَصرٍ إلى سِجنٍ وعَذابٍ. إنَّ أبی حَدَّثَنی عَن رَسولِ اللّهِ صلى الله علیه و آله أنَّ الدُّنیا سِجنُ المُؤمِنِ وجَنَّةُ الکافِرِ، وَالمَوتُ جِسرُ هؤُلاءِ إلى جَنّاتِهِم وجِسرُ هؤُلاءِ إلى جَحیمِهِم، ما کَذَبتُ ولا کُذِبتُ.(3)
702. ینابیع المودّة عن أبی مخنف:
بَقِیَ الحُسَینُ علیه السلام ثَلاثَ ساعاتٍ مِنَ النَّهارِ مُلَطَّخا بِدَمِهِ رامِقا بِطَرفِهِ إلَى السَّماءِ ویُنادی: «یا إلهی، صَبرا عَلى قَضائِکَ، ولا مَعبودَ سِواکَ، یا غِیاثَ المُستَغیثینَ». فَتَبادَرَ إلَیهِ أربَعونَ فارِسا یُریدونَ حَزَّ رَأسِهِ الشَّریفِ المُکَرَّمِ المُبارَکِ المُقَدَّسِ المُنَوَّرِ، ویَقولُ عُمَرُ بنُ سَعدٍ: وَیلَکُم! عَجِّلوا بِقَتلِهِ.(4)
703. تاریخ الطبری عن حمید بن مسلم:
لَمّا دُخِلَ بِرَأسِ حُسَینٍ وصِبیانِهِ وأخَواتِهِ ونِسائِهِ عَلى عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ… فَقالَ لَها [زَینَبُ علیهاالسلام] عُبَیدُ اللّهِ: الحَمدُ للّهِِ الَّذی فَضَحَکُم وقَتَلَکُم، وأکذَبَ أحدوثَتَکُم!
فَقالَت: الحَمدُ للّهِِ الَّذی أکرَمَنا بِمُحَمَّدٍ صلى الله علیه و آله وطَهَّرَنا تَطهیرا، لا کَما تَقولُ أنتَ، إنَّما یُفتَضَحُ الفاسِقُ ویُکذَبُ الفاجِرُ.
قالَ: فَکَیفَ رَأَیتِ صُنعَ اللّهِ بِأَهلِ بَیتِکِ؟!
قالَت: کُتِبَ عَلَیهِمُ القَتلُ فَبَرَزوا إلى مَضاجِعِهِم، وسَیَجمَعُ اللّهُ بَینَکَ وبَینَهُم فَتُحاجّونَ إلَیهِ.(5)
704. مقتل الحسین علیه السلام للخوارزمی عن الشافعی:
ماتَ ابنٌ للحسین علیه السلام فَلَم یُرَ بِهِ کَآبَةٌ، فَعوتِبَ عَلى ذلِکَ فَقالَ: إنّا أهلُ بَیتٍ نَسأَلُ اللّهَ عز و جل فَیُعطینا، فَإِذا أرادَ ما نَکرَهُ فیما یُحِبُّ رَضینا.(6)
705. تهذیب الکمال عن إبراهیم بن سعد:
سَمِعَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السلام واعِیَةً فی بَیتِهِ وعِندَهُ جَماعَةٌ، فَنَهَضَ إلى مَنزِلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلى مَجلِسِهِ، فَقیلَ لَهُ: أمرٌ حَدَثَ؟ قالَ: نَعَم، فَعَزَّوهُ وتَعَجَّبوا مِن صَبرِهِ، فَقالَ: إنّا أهلُ بَیتٍ نُطیعُ اللّهَ فیما نُحِبُّ، ونَحمَدُهُ فیما نَکرَهُ.(7)
706. الإمام الباقر علیه السلام:
نَدعُو اللّهَ فیما نُحِبُّ، فَإِذا وَقَعَ ما نَکرَهُ لَم نُخالِفِ اللّهَ عز و جل فیما أحَبَّ.(8)
707. الکافی عن علاء بن کامل:
کُنتُ جالِسا عِندَ أبی عَبدِاللّهِ علیه السلام فَصَرَخَت صارِخَةٌ مِنَ الدّارِ، فَقامَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام ثُمَّ جَلَسَ فَاستَرجَعَ وعادَ فی حَدیثِهِ حَتّى فَرَغَ مِنهُ.
ثُمَّ قالَ: إنّا لَنُحِبُّ أن نُعافى فی أنفُسِنا وأولادِنا وأموالِنا، فَإِذا وَقَع القَضاءُ فَلَیسَ لَنا أن نُحِبَّ ما لَم یُحِبَّ اللّهُ لَنا.(9)
708. الکافی عن قتیبة الأعشى:
أتَیتُ أبا عَبدِاللّهِ علیه السلام أعودُ ابنا لَهُ، فَوَجَدتُهُ عَلَى البابِ فَإِذا هُوَ مُهتَمٌّ حَزینٌ، فَقُلتُ: جُعِلتُ فِداکَ، کَیفَ الصَّبِیُّ؟ فَقالَ: وَاللّهِ إنَّهُ لِما بِهِ، ثُمَّ دَخَلَ فَمَکَثَ ساعَةً، ثُمَ خَرَجَ إلَینا وقَد أسفَرَ(10) وَجهُهُ وذَهَبَ التَّغَیُّرُ وَالحُزنُ.
قالَ: فَطَمِعتُ أن یَکونَ قَد صَلَحَ الصَّبِیُّ، فَقُلتُ: کَیفَ الصَّبِیُّ جُعِلتُ فِداکَ؟ فَقالَ: وقَد مَضى لِسَبیلِهِ، فَقُلتُ: جُعِلتُ فِداکَ، لَقَد کُنتَ وهُوَ حَیٌّ مُهتًَّما حَزینا، وقَد رَأَیتُ حالَکَ السّاعَةَ وقَد ماتَ، غَیرَ تِلکَ الحالِ، فَکَیفَ هذا؟!
فَقالَ: إنّا أهلَ البَیتِ إنَّما نَجزَعُ قَبلَ المُصیبَةِ، فَإِذا وَقَعَ أمرُ اللّهِ رَضینا بِقَضائِهِ وسَلَّمنا لِأَمرِهِ.(11)
1) نثر الدرّ: ج 1 ص 333، الملهوف: ص 126، مثیر الأحزان: ص 41، کشف الغمّة: ج 2 ص 241، بحار الأنوار: ج 44 ص 366.
2) وجب القلب وجیبًا: إذا خَفَقَ (النهایة: ج 5 ص 154 «وجب»).
3) معانی الأخبار: ص 288 ح 3، الاعتقادات للصدوق: ص 52 من دون إسناد إلى الإمام زین العابدین علیه السلام، بحار الأنوار: ج 6 ص 154 ح 9.
4) ینابیع المودّة: ج 3 ص 82.
5) تاریخ الطبری: ج 5 ص 457، الکامل فی التاریخ: ج 2 ص 574، البدایة والنهایة: ج 8 ص 193، جواهر المطالب: ج 2 ص 292 نحوه؛ الإرشاد: ج 2 ص 115 نحوه، بحار الأنوار: ج 45 ص 117 ح 1 نقلاً عن کتاب الملهوف على أهل الطفوف.
6) مقتل الحسین علیه السلام للخوارزمی: ج 1 ص 147؛ الدعوات للراوندی: ص 286 ح 16 عن الإمام الصادق علیه السلام نحوه، بحار الأنوار: ج 82 ص 133 ح 16.
7) تهذیب الکمال: ج 20 ص 393 الرقم 4050، البدایة والنهایة: ج 9 ص 114، تاریخ دمشق: ج 41 ص 386؛ المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 165، کشف الغمّة: ج 2 ص 314، بحار الأنوار: ج 46 ص 95 ح 84.
8) سیر أعلام النبلاء: ج 4 ص 407 الرقم 158، تاریخ دمشق: ج 54 ص 294 کلاهما عن سفیان الثوری، حلیة الأولیاء: ج 3 ص 187 عن عمرو بن دینار الرقم 241؛ کشف الغمّة: ج 2 ص 363.
9) الکافی: ج 3 ص 226 ح 13، بحار الأنوار: ج 47 ص 49 ح 78.
10) أسفَرَ: أی أضاء وأشرق (لسان العرب: ج 4 ص 369 «سفر»).
11) الکافی: ج 3 ص 225 ح 11، کتاب من لا یحضره الفقیه: ج 1 ص 187 ح 567 وفیه ذیله من «إنّا أهل بیت» ، بحار الأنوار: ج 47 ص 49 ح 76.