الکتاب
«نَحْنُ قَسَمْنا بَیْنَهُمْ مَعیشَتَهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِیَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِیًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّکَ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُون».(1)
الحدیث
1. الإمام علیّ علیه السلام – فی بَیانِ أصنافِ آیاتِ القُرآنِ -: وأمّا ما جاءَ فی القُرآنِ مِن ذِکرِ مَعایِشِ الخَلقِ وأسبابِها فَقَد أعلَمَنا سُبحانَهُ ذلِکَ مِن خَمسَةِ أوجُهٍ: وَجهِ الإِمارَةِ، ووَجهِ العِمارَةِ، ووَجهِ الإِجارَةِ، ووَجهِ التِّجارَةِ، ووَجهِ الصَّدَقاتِ… وأمّا وَجهُ الإِجارَةِ فَقَولُهُ عز و جل: «نَحْنُ قَسَمْنا بَیْنَهُمْ مَعیشَتَهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِیَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِیًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّکَ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُون» فَأَخبَرَنا سُبحانَهُ أنَّ الإِجارَةَ أحَدُ مَعایِشِ الخَلقِ، إذ خالَفَ بِحِکمَتِهِ بَینَ هِمَمِهِم وإرادَتِهِم وسائِرِ حالاتِهِم، وجَعَلَ ذلِکَ قِواما لِمَعایِشِ الخَلقِ، وهُوَ الرَّجُلُ یَستَأجِرُ الرَّجُلَ فی ضَیعَتِهِ وأعمالِهِ وأحکامِهِ وتَصَرُّفاتِهِ وأملاکِهِ. ولَو کانَ الرَّجُلُ مِنّا یُضطَرُّ إلى أن یَکونَ بَنّاءً لِنَفسِهِ أو نَجّارا أو صانِعا فی شَیءٍ مِن جَمیعِ أنواعِ الصَّنائِعِ لِنَفسِهِ، ویَتَوَلّى جَمیعَ ما یَحتاجُ إلیهِ مِن إصلاحِ الثِّیابِ وما یَحتاجُ إلَیهِ مِنَ المَلِکِ فَمَن دونَهُ، مَا استَقامَت أحوالُ العالَمِ بِتِلکَ، ولَا اتَّسَعوا لَهُ، ولَعَجَزوا عَنهُ. ولکِنَّهُ أتقَنَ تَدبیرَهُ لِمُخالَفَتِهِ بَینَ هِمَمِهِم، وکُلَّ ما یَطلُبُ مِمّا تَنصَرِفُ إلَیهِ هِمَّتُهُ مِمّا یَقومُ بِهِ بَعضُهُم لِبَعضٍ، ولِیَستَغنِیَ بَعضُهُم بِبَعضٍ فی أبوابِ المَعایِشِ الَّتی بِها صَلاحُ أحوالِهِم.(2)
1) الزخرف: 32.
2) وسائل الشیعة: ج 6 ص 341 ح 12560 و ج 13 ص 244 ح 24245 کلاهما نقلاً عن السید المرتضى فی رسالة المحکم والمتشابه عن تفسیر النعمانی، بحار الأنوار: ج 93 ص 46 نقلاً عن رسالة النعمانی.