الکتاب
«وَ یُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ».(1)
الحدیث
73. الإمام الباقر علیه السلام – فی خَبَرِ احتِجاجِ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام فی أمرِ الخِلافَةِ -:
قالَ [عَلِیٌّ علیه السلام]: نَشَدتُکُم بِاللهِ هَل فیکُم أحَدٌ نَزَلَت فیهِ هذِهِ الآیَةُ: «وَ یُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَن یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» غَیری؟ قالوا: لا.(2)
74. عنه علیه السلام:
إنَّ رَسولَ اللهِ صلی الله علیه و آله جالِسٌ ذاتَ یَومٍ وأصحابُهُ جُلوسٌ حَولَهُ، فَجاءَ عَلِیٌّ علیه السلام وعَلَیهِ سَمِلُ(3) ثَوبٍ مُنخَرِقٌ عَن بَعضِ جَسَدِهِ، فَجَلَسَ قَریباً مِن رَسولِ اللهِ صلی الله علیه و آله فَنَظَرَ إلَیهِ ساعَةً ثُمَّ قَرَأَ: «وَ یُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَن یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
ثُمَّ قالَ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام: أما إنَّکَ رَأسُ الَّذینَ نَزَلَت فیهِم هذِهِ الآیَةُ وسَیِّدُهُم وإمامُهُم.
ثُمَّ قالَ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام: أینَ حُلَّتُکَ الَّتی کَسَوتُکَها یا عَلِیُّ؟ فَقالَ: یا رَسولَ اللهِ، إنَّ بَعضَ أصحابِکَ أتانی یَشکو عُریَهُ وعُریَ أهلِ بَیتِهِ، فَرَحِمتُهُ وَآثَرتُهُ بِها عَلى نَفسی، وعَرَفتُ أنَّ اللهَ سَیَکسونی خَیراً مِنها.
فَقالَ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله: صَدَقتَ، أما إنَّ جَبرَئیلَ قَد أتانی یُحَدِّثُنی أنَّ اللهَ اتَّخَذَ لَکَ مَکانَها فِی الجَنَّةِ حُلَّةً خَضراءَ مِن إستَبرَقٍ، وصَنِفَتُها(4) مِن یاقوتٍ وزَبَرجَدٍ، فَنِعمَ الجَوازُ، جَوازُ رَبِّکَ بِسَخاوَةِ نَفسِکَ، وصَبرِکَ عَلى سَمَلَتِکَ هذِهِ المُنخَرِقَةِ، فَأَبشِر یا عَلِیُّ.
فَانصَرَفَ عَلِیٌّ علیه السلام فَرِحا مُستَبشِراً بِما أخبَرَهُ بِهِ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله.(5)
75. مجمع البیان عن أبی الطفیل:
اِشتَرى عَلِیٌّ علیه السلام ثَوباً فَأعجَبَهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ، وقالَ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلی الله علیه و آله، یَقولُ: مَن آثَرَ عَلى نَفسِهِ آثَرَهُ اللهُ یَومَ القِیامَةِ بِالجَنَّةِ.(6)
76. الإمام الصادق علیه السلام:
بَینَما عَلِیٌّ علیه السلام عِندَ فاطِمَةَ علیهاالسلام إذ قالَت لَهُ: یا عَلِیُّ، اذهَب إلى أبی فَابغِنا(7) مِنهُ شَیئا.
فَقالَ: نَعَم. فَأَتى رَسولَ اللهِ صلی الله علیه و آله، فَأَعطاهُ دینارا، وقالَ لَهُ: یا عَلِیُّ، اذهَب فَابتَع بِهِ لِأَهلِکَ طَعاما.
فَخَرَجَ مِن عِندِهِ فَلَقِیَهُ المِقدادُ بنُ الأَسوَدِ، وقاما ما شاءَ اللهُ أن یَقوما، وذَکَرَ لَهُ حاجَتَهُ، فَأَعطاهُ الدّینارَ وَانطَلَقَ إلَى المَسجِدِ، فَوَضَعَ رَأسَهُ فَنامَ، فَانتَظَرَهُ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله فَلَم یَأتِ، ثُمَّ انتَظَرَهُ فَلَم یَأتِ، فَخَرَجَ یَدورُ فِی المَسجِدِ فَإِذا هُوَ بِعَلِیٍّ علیه السلام نائِمٌ فِی المَسجِدِ، فَحَرَّکَهُ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله فَقَعَدَ.
فَقالَ لَهُ: یا عَلِیُّ ما صَنَعتَ؟
فَقالَ: یا رَسولَ اللهِ، خَرَجتُ مِن عِندِکَ فَلَقِیَنِی المِقدادُ بنُ الأَسوَدِ، فَذَکَرَ لی ما شاءَ اللهُ أن یَذکُرَ، فَأَعطَیتُهُ الدّینارَ.
فَقالَ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله: أما إنَّ جَبرَئیلَ قَد أنبَأَنی بِذلِکَ، وقَد أنزَلَ اللهُ فیکَ کِتابا: «وَ یُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَن یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».(8)
77. الأمالی للطوسی عن أبی سعید الخدریّ:
أصبَحَ عَلِیٌّ علیه السلام ذاتَ یَومٍ ساغِباً(9) فَقالَ: یا فاطِمَةُ، هَل عِندَکِ شَیءٌ تُطعِمینی؟
قالَت: وَالَّذی أکرَمَ أبی بِالنُّبُوَّةِ وأکرَمَکَ بِالوَصِیَّةِ، ما أصبَحَ عِندی شَیءٌ یَطعَمُهُ بَشَرٌ، وما کانَ مِن شَیءٍ اُطعِمُکَ مُنذُ یَومَینِ إلّا شَیءٌ کُنتُ اُؤثِرُکَ بِهِ عَلى نَفسی وعَلَى الحَسَنِ وَالحُسَینِ!
قالَ: أعَلَى الصَّبِیَّینِ! ألا أعلَمتِنی فَآتِیَکُم بِشَیءٍ؟
قالَت: یا أبَا الحَسَنِ، إنّی لَأَستَحی مِن إلهی أن اُکَلِّفَکَ ما لا تَقدِرُ.
فَخَرَجَ واثِقاً بِاللهِ حَسَنَ الظَّنِّ بِهِ، فَاستَقرَضَ دیناراً، فَبَینَا الدّینارُ فی یَدِ عَلِیٍّ علیه السلام إذ عَرَضَ لَهُ المِقدادُ فی یَومٍ شَدیدِ الحَرِّ، قَد لَوَّحَتهُ(10) الشَّمسُ مِن فَوقِهِ وتَحتِهِ، فَأَنکَرَ عَلِیٌّ علیه السلام شَأنَهُ، فَقالَ: یا مِقدادُ، ما أزعَجَکَ(11) هذِهِ السّاعَةَ؟
قالَ: خَلِّ سَبیلی یا أبَا الحَسَنِ، ولا تَکشِفنی عَمّا وَرائی.
قالَ: إنّه لا یَسَعُنی أن تُجاوِزَنی حَتّى أعلَمَ عِلمَکَ.
قالَ: یا أبَا الحَسَنِ، إلَى اللهِ ثُمَّ إلَیکَ أن تُخَلِّیَ سَبیلَکَ ولا تَکشِفَنی عَن حالی.
فَقالَ عَلِیٌّ علیه السلام: إنَّهُ لا یَسَعُک أن تَکتُمَنی حالَکَ.
فَقالَ: إذا أبَیتَ، فَوَالَّذی أکرَمَ مُحَمَّدا صلی الله علیه و آله بِالنُّبُوَّةِ وأکرَمَکَ بِالوَصِیَّةِ ما أزعَجَنی إلَا الجَهدُ(12)، ولَقَد تَرَکتُ عِیالی بِحالٍ لَم تَحمِلنی لَهَا الأَرضُ، فَخَرَجتُ مَهموما ورَکِبتُ رَأسی، فَهذِهِ حالی.
فَهَمَلَت عَینا عَلِیٍّ علیه السلام بِالدُّموعِ حَتّى أخضَلَت دُموعُهُ لِحیَتَهُ، ثُمَّ قالَ: أحلِفُ بِالَّذی حَلَفتَ بِهِ، ما أزعَجَنی مِن أهلی إلَا الَّذی أزعَجَکَ، ولَقَدِ استَقرَضتُ دیناراً فَخُذهُ؛ فَدَفَعَ الدّینارَ إلَیهِ وآثَرَهُ بِهِ عَلى نَفسِهِ.(13)
78. الفتوّة:
صَحَّ عَن عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السلام فی الإِیثارِ أنَّ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله جاءَهُ ضَیفٌ ولَم یَجِد عِندَهُ ما یُکرِمُهُ بِهِ، فَقالَ صلی الله علیه و آله: مَن یُکرِمُ ضَیفی هذا وأضمِنُ لَهُ عَلَى اللهِ الجَنَّةَ؟
فَقالَ عَلِیٌّ علیه السلام: أنَا یا رَسولَ اللهِ.
فَأَخَذَهُ وجاءَ بِهِ إلى فاطِمَةَ علیهاالسلام
ولَم یَکُن عِندَها سِوى قُرصَتَینِ قَد هَیَّأتهُما لِلإِفطارِ.
فَلَمّا کانَ وَقتُ العَشاءِ أصلَحَتِ الزّادَ ثُردَةً(14) ووَضَعَتهُ بَینَ یَدَیِ الضَّیفِ وعَلِیٍّ علیه السلام، ثُمَّ جاءَت إلَى المِصباحِ کَأَنَّها تُصلِحُهُ فَأَطفَأَتهُ، فَأَخَذَ عَلِیٌّ علیه السلام یَرفَعُ یَدَهُ ویَضَعُها فِی الزّادِ یوهِمُ الضَّیفَ أنّه یَطعَمُ مَعَهُ وهُوَ لا یَأکُلُ شَیئاً لِیَکتَفِیَ الضَّیفُ، فَلَمَّا استَکفَى الضَّیفُ أتى بِالمِصباحِ وباتَ عَلِیٌّ وفاطِمَةُ علیهماالسلام طاوِیَینِ(15) عَلى صَومِهِما.
فَأَنزَلَ اللهُ فی حَقِّهِما: «وَ یُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ».(16)
79. الأمالی للطوسی عن أبی هریرة:
جاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله فَشَکا إلَیهِ الجوعَ، فَبَعَثَ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله إلى بُیوتِ أزواجِهِ، فَقُلنَ: ما عِندَنا إلَا الماءُ.
فَقالَ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله: مَن لِهذَا الرَّجُلِ اللَّیلَةَ؟
فَقالَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السلام: أنَا لَهُ یا رَسولَ اللهِ. وأتى فاطِمَةَ علیهاالسلام. فَقالَ: ما عِندَکِ یَابنَةَ رَسولِ اللهِ؟
فَقالَت: ما عِندَنا إلّا قوتُ الصِّبیَةِ، لکِنّا نُؤثِرُ ضَیفَنا.
فَقالَ عَلِیٌّ علیه السلام: یَابنَةَ مُحَمَّدٍ، نَوِّمِی الصِّبیَةَ وأطفِئِی المِصباحَ.
فَلَمّا أصبَحَ عَلِیٌّ علیه السلام غَدا عَلى رَسولِ اللهِ صلی الله علیه و آله فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ، فَلَم یَبرَح حَتّى أنزَلَ اللهُ عز و جل: «وَ یُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَن یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».(17)
80. مستدرک الوسائل عن عبد الله بن مسعود:
صَلّى رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله لَیلَةً صَلاةَ العِشاءِ، فَقامَ رَجُلٌ مِن بَینِ الصَّفِّ، فَقالَ: یا مَعاشِرَ المُهاجِرینَ وَالأَنصارِ، أنَا رَجُلٌ غَریبٌ فَقیرٌ، وأسأَلُکُم فی مَسجِدِ رَسولِ اللهِ صلی الله علیه و آله، فَأَطعِمونی.
فَقالَ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله: أیُّهَا الحَبیبُ، لا تَذکُرِ الغُربَةَ فَقَد قَطَعتَ نِیاطَ قَلبی، أمَّا الغُرَباءُ فَأَربَعَةٌ.
قالوا: یا رَسولَ اللهِ مَن هُم؟
قال: مَسجِدٌ ظَهرانَی قومٍ لا یُصَلّونَ فیهِ، وقُرآنٌ فی أیدی قَومٍ لا یَقرَؤونَ فیهِ، وعالِمٌ بَینَ قَومٍ لا یَعرِفونَ حالَهُ ولا یَتَفَقَّدونَهُ، وأسیرٌ فی بِلادِ الرّومِ بَینَ الکُفّارِ لا یَعرِفونَ اللهَ.
ثُمَّ قالَ صلی الله علیه و آله: مَنِ الَّذی یَکفی مَؤونَةَ هذَا الرَّجُلِ؛ فیُبَوِّئَهُ اللهُ فِی الفِردَوسِ الأَعلى؟
فَقامَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام وأخَذَ بِیَدِ السّائِلِ، وأتى بِهِ إلى حُجرَةِ فاطِمَةَ علیهاالسلام، فَقالَ: یا بِنتَ رَسولِ اللهِ، انظُری فی أمرِ هذَا الضَّیفِ!
فَقالَت فاطِمَةُ علیهاالسلام: یَا ابنَ العَمِّ، لَم یَکُن فِی البَیتِ إلّا قَلیلٌ مِنَ البُرِّ صَنَعتُ مِنهُ طَعاماً، وَالأَطفالُ مُحتاجونَ إلَیهِ وأنتَ صائِمٌ، وَالطَّعامُ قَلیلٌ لا یُغنی غَیرَ واحِدٍ.
فَقالَ: أحضِریهِ. فَذَهَبَت وأتَت بِالطَّعامِ ووَضَعَتهُ، فَنَظَرَ إلَیهِ أمیرُالمُؤمِنینَ علیه السلام فَرَآهُ قَلیلاً، فَقالَ فی نَفسِهِ: لا یَنبَغی أن آکُلَ مِن هذَا الطَّعامِ، فَإِن أکَلتُهُ لا یَکفِی الضَّیفَ، فَمَدَّ یَدَهُ إلَى السِّراجِ یُریدُ أن یُصلِحَهُ فَأَطفَأَهُ، وقالَ لِسَیِّدَةِ النِّساءِ علیهاالسلام: تَعَلَّلی فی إیقادِهِ، حَتّى یُحسِنَ الضَّیفُ أکلَهُ ثُمَّ اِیتینی بِهِ.
وکانَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام یُحَرِّکُ فَمَهُ المُبارَکَ، یُرِی الضَّیفَ أنَّهُ یَأکُلُ ولا یَأکُلُ، إلى أن فَرَغَ الضَّیفُ مِن أکلِهِ وشَبِعَ، وأتَت خَیرُ النِّساِء علیهاالسلام بِالسِّراجِ ووَضَعَتهُ، وکانَ الطَّعامُ بِحالِهِ.
فَقالَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام لِضَیفِهِ: لِمَ ما أکَلتَ الطَّعامَ؟
فَقالَ: یا أبَا الحَسَنِ أکَلتُ الطَّعامَ وشَبِعتُ، ولکِنَّ اللهَ تَعالى بارَکَ فیهِ.
ثُمَّ أکَلَ مِنَ الطَّعامِ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام وسَیِّدَةُ النِّساءِ وَالحَسَنانِ علیهم السلام وأعطَوا مِنهُ جیرانَهُم، وذلِکَ مِمّا بارَکَ اللهُ تَعالى فیهِ. فَلَمّا أصبَحَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام أتى إلى مَسجِدِ رَسولِ اللهِ صلی الله علیه و آله، فَقالَ صلی الله علیه و آله: یا عَلِیُّ، کَیفَ کُنتَ مَعَ الضَّیفِ؟
فَقالَ: بِحَمدِ اللهِ – یا رَسولَ اللهِ – بِخَیرٍ.
فَقالَ: إنَّ اللهَ تَعالى تَعَجَّبَ مِمّا فَعَلتَ البارِحَةَ، مِن إطفاءِ السِّراجِ وَالاِمتِناعِ مِنَ الأَکلِ لِلضَّیفِ.
فَقالَ: مَن أخبَرَکَ بِهذا؟
فَقالَ: جَبرَئیلُ، وأتى بِهذِهِ الآیَةِ فی شَأنِکَ: «وَ یُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ» الآیةَ.(18)
81. المناقب لابن شهرآشوب عن محمّد بن الصمّة عن أبیه عن عمّه:
رَأَیتُ فِی المَدینَةِ رَجُلاً عَلى ظَهرِهِ قِربَةٌ وفی یَدِهِ صَحفَةٌ(19)، یَقولُ: اللهُمَّ وَلِیَّ المُؤمِنینَ وإلهَ المُؤمِنینَ وجارَ المُؤمِنینَ، اقبَل قُربانِیَ اللَّیلَةَ، فَما أمسَیتُ أملِکُ سِوى ما فی صَحفَتی وغَیرَ ما یُوارینی، فَإِنَّکَ تَعلَمُ أنّی مَنَعتَهُ نَفسی مَعَ شِدَّةِ سَغَبی فی طَلَبِ القُربَةِ إلَیکَ غُنماً، اللهُمَّ فَلا تُخلِق وَجهی ولا تَرُدَّ دَعوَتی.
فَأَتَیتُهُ حَتّى عَرَفتُهُ فَإِذا هُوَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السلام، فَأَتى رَجُلاً فَأَطعَمَهُ.(20)
82. الإمام الباقر علیه السلام:
اُوتِیَ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله بِمالٍ وحُلَلٍ وأصحابُهُ حَولَهُ جُلوسٌ، فَقَسَّمَهُ عَلَیهِم حَتّى لَم تَبقَ مِنهُ حُلَّةٌ ولا دینارٌ، فَلَمّا فَرَغَ مِنهُ جاءَ رَجُلٌ مِن فُقَراءِ المُهاجِرینَ وکانَ غائِبا، فَلَمّا رَآهُ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله، قالَ: أیُّکُم یُعطی هذا نَصیبَهُ ویُؤثِرُهُ عَلى نَفسِهِ؟ فَسَمِعَهُ عَلِیٌّ علیه السلام، فَقالَ: نَصیبی. فَأَعطاهُ إیّاهُ.
فَأَخَذَهُ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله فَأَعطاهُ الرَّجُلَ. ثُمَّ قالَ: یا عَلِیُّ، إنَّ اللهَ جَعَلَکَ سَبّاقا لِلخَیراتِ، سَخّاءً بِنَفسِکَ عَنِ المالِ، أنتَ یَعسوبُ المُؤمِنینَ، وَالمالُ یَعسوبُ الظَّلَمَةِ، وَالظَّلَمَةُ هُمُ الَّذینَ یَحسُدونَکَ ویَبغونَ عَلَیکَ ویَمنَعونَکَ حَقَّکَ بَعدی.(21)
83. الإمام الهادی علیه السلام – فی زِیارَةِ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام یَومَ الغَدیرِ -:
السَّلامُ عَلَیکَ یا أمیرَ المُؤمِنینَ… أنتَ مُطعِمُ الطَّعامِ عَلى حُبِّهِ مِسکیناً ویَتیماً وأسیراً لِوَجهِ اللهِ، لا تُریدُ مِنهُم جَزاءً ولا شُکوراً(22)، وفیکَ أنزَلَ اللهُ تَعالى: «وَ یُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْکَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».(23)
1) الحشر: 9.
2) الاحتجاج: ج 1 ص 333 ح 55 عن جابر الجعفی، بحار الأنوار: ج 31 ص 342 ح 2.
3) السمل: الخَلَق من الثیاب (النهایة: ج 2 ص 403 «سمل»).
4) الصَّنِفَة: الطَّرَف والزاویة من الثوب وغیره (لسان العرب: ج 9 ص 199 «صنف»).
5) تأویل الآیات الظاهرة: ج 2 ص 680 ح 7 عن جابر بن یزید، بحار الأنوار: ج 36 ص 60 ح 4.
6) مجمع البیان: ج 2 ص 792، مستدرک الوسائل: ج 7 ص 249 ح 8166.
7) بغى الشیء: إذا طلبه (النهایة: ج 1 ص 143 «بغى»).
8) تأویل الآیات الظاهرة: ج 2 ص 679 ح 5 عن کلیب بن معاویة الأسدی، بحار الأنوار: ج 36 ص 59 ح 2.
9) ساغباً: أی جائعا (النهایة: ج 2 ص 371 «سغب»).
10) لاحه العطش أو السفر: غَیَّره، کلوّحه (القاموس المحیط: ج 1 ص 248 «لوح»).
11) زَعَجَهُ: أقلَقَه وقَلَعه من مکانه، کأزعَجَه (القاموس المحیط: ج 1 ص 191 «زعج»).
12) الجَهْد: المشقّة. یقال: جُهِد الرجل: إذا وجد مشقّة، وجُهد الناس: إذا أجدبوا (النهایة: ج 1 ص 320 «جهد»).
13) الأمالی للطوسی: ص 616 ح 1272، شرح الأخبار: ج 2 ص 401 ح 746، المناقب لابن شهر آشوب: ج 2 ص 77، کشف الغمّة: ج 2 ص 95 کلّها نحوه، بحار الأنوار: ج 37 ص 103 ح 7؛ ذخائر العقبى: ص 91 نحوه.
14) ثَرَد الخُبزَ: فَتَّه ثمّ بلَّه بمَرَقٍ، وهو الثَّرید والثَّریدة والثُّردة (تاج العروس: ج 4 ص 372 «ثرد»).
15) یقال: طوِیَ من الجوع یطوى فهو طاوٍ: أی خالی البطن جائع لم یأکل (النهایة: ج 3 ص 146 «طوا»).
16) الفتوّة لابن معمار: ص 285، إحقاق الحقّ: ج 9 ص 144، مستدرک الوسائل: ج 7 ص 216 ح 8075 نقلاً عن أبی الفتوح الرازی فی تفسیره نحوه.
17) الأمالی للطوسی: ص 185 ح 309، المناقب لابن شهرآشوب: ج 2 ص 74، تأویل الآیات الظاهرة: ج 2 ص 678 ح 4 کلاهما نحوه، بحار الأنوار: ج 41 ص 28 ح 1؛ شواهد التنزیل: ج 2 ص 331 ح 972 نحوه.
18) مستدرک الوسائل: ج 7 ص 216 ح 8075 نقلاً عن أبی الفتوح الرازی فی تفسیره.
19) الصَّحفة: کالقصعة، والجمع صِحاف. قال الکسائی:… الصَّحفة تُشبِع الخمسة (الصحاح: ج 4 ص 1384 «صحف»).
20) المناقب لابن شهرآشوب: ج 2 ص 76، بحار الأنوار: ج 41 ص 29 ح 1.
21) تأویل الآیات الظاهرة: ج 2 ص 679 ح 6 عن جابر بن یزید، بحار الأنوار: ج 36 ص 60 ح 3 وراجع: نهج البلاغة: الحکمة 316.
22) إشارة إلى الآیتین 8 و 9 من سورة الإنسان.
23) المزار الکبیر: ص 263 – 273 ح 12 عن أبی القاسم بن روح و عثمان بن سعید العمری عن الإمام العسکری علیه السلام، بحار الأنوار: ج 100 ص 364 ح 6.