الکتاب
«إِنَّ الْأَبْرارَ یَشْرَبُونَ مِنْ کَأْسٍ کانَ مِزاجُها کافُوراً (5)
عَیْناً یَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ یُفَجِّرُونَها تَفْجیراً (6)
یُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ یَخافُونَ یَوْماً کانَ شَرُّهُ مُسْتَطیراً (7)
وَ یُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْکیناً وَ یَتیماً وَ أَسیراً (8)
إِنَّما نُطْعِمُکُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُریدُ مِنْکُمْ جَزاءً وَ لا شُکُوراً (9)
إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا یَوْماً عَبُوساً قَمْطَریراً (10)
فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِکَ الْیَوْمِ وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً (11)
وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَ حَریراً (12)
مُتَّکِئینَ فیها عَلَى الْأَرائِکِ لا یَرَوْنَ فیها شَمْساً وَ لا زَمْهَریراً (13)
وَ دانِیَةً عَلَیْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلیلاً (14)
وَ یُطافُ عَلَیْهِمْ بِآنِیَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ أَکْوابٍ کانَتْ قَواریرَا (15)
قَواریرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدیراً (16)
وَ یُسْقَوْنَ فیها کَأْساً کانَ مِزاجُها زَنْجَبیلاً (17)
عَیْناً فیها تُسَمَّى سَلْسَبیلاً (18)
وَ یَطُوفُ عَلَیْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَیْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً (19)
وَ إِذا رَأَیْتَ ثَمَّ رَأَیْتَ نَعیماً وَ مُلْکاً کَبیراً (20)
عالِیَهُمْ ثِیابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَ إِسْتَبْرَقٌ وَ حُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (21)
إِنَّ هذا کانَ لَکُمْ جَزاءً وَ کانَ سَعْیُکُمْ مَشْکُوراً (22)(1)
الحدیث
69. الإمام الصادق علیه السلام – فی قَولِهِ تَعالى: «وَ یُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْکِینًا وَ یَتِیمًا وَ أَسِیرًا» -:
کانَ عِندَ فاطِمَةَ علیهاالسلام شَعیرٌ، فَجَعَلوهُ عَصیدَةً(2)، فَلَمّا أنضَجوها ووَضَعوها بَینَ أیدیهِم جاءَ مِسکینٌ، فَقالَ المِسکینُ: رَحِمَکُمُ اللهُ! أطعِمونا مِمّا رَزَقَکُمُ اللهُ، فَقامَ عَلِیٌّ علیه السلام فَأَعطاهُ ثُلُثَها.
فَما لَبِثَ أن جاءَ یَتیمٌ، فَقالَ الیَتیمُ: رَحِمَکُمُ اللهُ! أطعِمونا مِمّا رَزَقَکُمُ اللهُ، فَقامَ عَلِیٌّ علیه السلام فَأَعطاهُ ثُلُثَهَا الثّانِیَ.
فَما لَبِثَ أن جاءَ أسیرٌ، فَقالَ الأَسیرُ: یَرحَمُکُمُ اللهُ! أطعِمونا مِمّا رَزَقَکُمُ اللهُ، فَقامَ عَلِیٌّ علیه السلام فَأعطاهُ الثُّلُثَ الباقِیَ، وما ذاقوها.
فَأَنزَلَ اللهُ فیهِم هذِهِ الآیَةَ إلى قَولِهِ: «وَ کَانَ سَعْیُکُم مَّشْکُورًا».(3)
70. الإمام الکاظم علیه السلام – فی دُعاءِ یَومِ المُباهَلَةِ -:اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أخیهِ وصِنوِهِ أمیرِ المُؤمِنینَ… ذلِکَ الإِمامُ المَخصوصُ بِمُؤاخاتِهِ یَومَ الإِخاءِ، وَالمُؤثِرُ بِالقوتِ بَعدَ ضُرِّ الطَّوى(4)، ومَن شَکَرَ اللّهُ سَعیَهُ فی «هَل أتى»(5).(6)
71. المناقب للخوارزمی عن ابن عبّاس – فی قَولِهِ تَعالى: «و یُطِعمونَ الطَّعام عَلی حبّه» الآیة -:
نَزَلَت هذِهِ الآیَةُ فی عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السلام وفاطِمَةَ بِنتِ رَسولِ اللهِ صلی الله علیه و آله.(7)
72. الکشّاف عن ابن عبّاس:
إنَّ الحَسَنَ وَالحُسَینَ علیهماالسلام مَرِضا، فَعادَهُما رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله فی ناسٍ مَعَهُ، فَقالوا: یا أبَا الحَسَنِ، لَو نَذَرتَ عَلى وَلَدِکَ! فَنَذَرَ عَلِیٌّ وفاطِمَةُ علیهماالسلام و فِضَّةُ – جارِیَةٌ لَهُما – إن بَرِئا مِمّا بِهِما أن یَصوموا ثَلاثَةَ أیّامٍ.
فَشُفِیا وما مَعَهُم شَیءٌ، فَاستَقرَضَ عَلِیٌّ علیه السلام مِن شَمعونَ الخَیبَرِیِّ الیَهودِیِّ ثَلاثَ أصوُعٍ مِن شَعیرٍ، فَطَحَنَت فاطِمَةُ علیهاالسلام صاعاً وَاختَبَزَت خَمسَةَ أقراصٍ عَلى عَدَدِهِم، فَوَضَعوها بَینَ أیدیهِمِ لِیُفطِروا، فَوَقَفَ عَلَیهِم سائِلٌ فَقالَ:
السَّلامُ عَلَیکُم أهلَ بَیتِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله، مِسکینٌ مِن مَساکینِ المُسلِمینَ أطعِمونی أطعَمَکُمُ اللهُ مِن مَوائِدِ الجَنَّةِ.
فَآثَروهُ وباتوا لَم یَذوقوا إلَا الماءَ، وأصبَحوا صِیاما.
فَلَمّا أمسَوا ووَضَعُوا الطَّعامَ بَینَ أیدیهِم وَقَفَ عَلَیهِم یَتیمٌ فَآثَروهُ.
ووَقَفَ عَلَیهِم أسیرٌ فِی الثّالِثَةِ، فَفَعَلوا مِثلَ ذلِکَ.
فَلَمّا أصبَحوا أخَذَ عَلِیٌّ علیه السلام بِیَدِ الحَسَنِ وَالحُسَینِ علیهماالسلام وأقبَلوا إلى رَسولِ اللهِ صلی الله علیه و آله، فَلَمّا أبصَرَهُم وهُم یَرتَعِشونَ کَالفِراخِ مِن شِدَّةِ الجوعِ، قالَ: ما أشَدَّ ما یَسوؤُنی ما أرى بِکُم، وقامَ فَانطَلَقَ مَعَهُم فَرَأى فاطِمَةَ علیهاالسلام فی مِحرابِها قَدِ التَصَقَ ظَهرُها بِبَطنِها وغارَت عَیناها، فَساءَهُ ذلِکَ.
فَنَزَلَ جَبرَئیلُ علیه السلام، وقالَ: خُذها یا مُحَمَّدُ، هَنَّأَکَ اللهُ فی أهلِ بَیتِکَ! فَأَقرَأَهُ السّورَةَ(8) (9)
1) الإنسان: 5 – 22.
2) العَصِیدة: دقیق یُلَتُّ بالسَّمن ویطبخ (النهایة: ج 3 ص 246 «عصد»).
3) تفسیر القمّی: ج 2 ص 398، مجمع البیان: ج 10 ص 612 نحوه و کلاهما عن عبدالله بن میمون القدّاح، بحار الأنوار: ج 35 ص 243 ح 3.
4) الطَّوى: الجوع (الصحاح: ج 6 ص 2415 «طوى»).
5) إشارة إلى الآیة 22 من سورة الإنسان: «هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ…».
6) مصباح المتهجّد: ص 767 عن محمّد بن صدقة العنبری، المصباح للکفعمی: ص 915، البلد الأمین: ص267، مصباح الزائر: ص 477 عن الإمام الهادی علیه السلام نحوه، بحار الأنوار: ج 102 ص 179.
7) المناقب للخوارزمی: ص272 الرقم 252، ذخائر العقبى: ص 160 ولیس فیه «وفاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله»، شواهد التنزیل: ج 2 ص 403 الرقم 1053، الدر المنثور: ج 8 ص 371؛ کشف الیقین: ص 370 الرقم 442 من دون إسناد إلى ابن عبّاس بزیادة «والحسن والحسین» فی ذیله، تفسیر فرات: ص 528 الرقم 680، بحار الأنوار: ج 35 ص 253 الرقم 10.
8) أی سورة «هل أتى».
9) الکشّاف: ج 4 ص 169، تفسیر القرطبی: ج 19 ص 131 نحوه؛ الأمالی للصدوق: ص 329 ح 390 عن سلمة بن خالد عن الإمام الصادق عن أبیه علیهماالسلام، مجمع البیان: ج 10 ص 611، کشف الغمّة: ج 1 ص 302 کلّها نحوه.