قالَ علیه السلام: مَعنى صِفَةِ الإِیمانِ، الإِقرارُ وَالخُضوعُ لِلّهِ بِذُلِّ الإِقرارِ وَالتَّقَرُّبُ إلَیهِ بِهِ، وَالأَداءُ لَهُ بِعِلمِ کُلِّ مَفروضٍ مِن صَغیرٍ أو کَبیرٍ، مِن حَدِّ التَّوحیدِ فَما دونَهُ إلى آخِرِ
بابٍ مِن أبوابِ الطّاعَةِ أوَّلاً فَأَوَّلاً، مَقرونٌ ذلِکَ کُلُّهُ بَعضُهُ إلى بَعضٍ مَوصولٌ بَعضُهُ بِبَعضٍ.
فَإِذا أدَّى العَبدُ ما فُرِضَ عَلَیهِ مِمّا وَصَلَ إلَیهِ عَلى صِفَةِ ما وَصَفناهُ، فَهُوَ مُؤمِنٌ مُستَحِقٌّ لِصِفَةِ الإِیمانِ، مُستَوجِبٌ لِلثَّوابِ، وذلِکَ أنَّ مَعنى جُملَةِ الإِیمانِ الإِقرارُ، ومَعنَى الإِقرارِ التَّصدیقُ بِالطّاعَةِ، فَلِذلِکَ ثَبَتَ أنَّ الطّاعَةَ کُلَّها صَغیرَها وکَبیرَها مَقرونَةٌ بَعضُها إلى بَعضٍ، فَلا یَخرُجُ المُؤمِنُ مِن صِفَةِ الإِیمانِ إلّا بِتَرکِ مَا استَحَقَّ أن یَکونَ بِهِ مُؤمِنا، وإنَّمَا استَوجَبَ وَاستَحَقَّ اسمَ الإِیمانِ ومَعناهُ بِأَداءِ کِبارِ الفَرائِضِ مَوصولَةً، وتَرکِ کِبارِ المَعاصی وَاجتِنابِها.
وإن تَرَکَ صِغارَ الطّاعَةِ وَارتَکَبَ صِغارَ المَعاصی، فَلَیسَ بِخارِجٍ مِنَ الإِیمانِ ولا تارِکٍ لَهُ، ما لَم یَترُک شَیئا مِن کِبارِ الطّاعَةِ ولَم یَرتَکِب شَیئاً مِن کِبارِ المَعاصی، فَما لَم یَفعَل ذلِکَ فَهُوَ مُؤمِنٌ لِقَولِ اللّهِ: «إِن تَجْتَنِبُواْ کَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُکَفِّرْ عَنکُمْ سَیِّئاتِکُمْ وَنُدْخِلْکُم مُّدْخَلاً کَرِیمًا»(1) یَعنِی المَغفِرَةَ ما دونَ الکَبائِرِ، فَإِن هُوَ ارتَکَبَ کَبیرَةً مِن کَبائِرِ المَعاصی، کانَ مَأخوذا بِجَمیعِ المَعاصی صِغارِها وکِبارِها، مُعاقَبا عَلَیها مُعَذَّبا بِها، فَهذِهِ صِفَةُ الإِیمانِ وصِفَةُ المُؤمِنِ المُستَوجِبِ لِلثَّوابِ.
1) النساء: 31.