جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

دار محیطة بالدنیا

زمان مطالعه: < 1 دقیقه

59. الإمام علی علیه السلام – لِلجاثَلیقِ(1) وقَد سَأَلَهُ عَنِ الجَنَّةِ أ فِی الدُّنیا هِیَ أم فِی الآخِرَةِ؟ وأینَ الآخِرَةُ مِنَ الدُّنیا؟ -: الدُّنیا فِی الآخِرَةِ وَالآخِرَةُ مُحیطَةٌ بِالدُّنیا، إذ کانَتِ النُّقلَةُ مِنَ الحَیاةِ إلَى المَوتِ ظاهِرَةً، وکانَتِ الآخِرَةُ هِیَ دارُ الحَیَوانِ لَو کانوا یَعلَمونَ؛ وذلِکَ أنَّ الدُّنیا نُقلَةٌ وَالآخِرَةَ حَیاةٌ ومُقامٌ، مَثَلُ ذلِکَ کَالنّائِمِ؛ وذلِکَ أنَّ الجِسمَ یَنامُ، وَالرّوحَ لا تَنامُ، والبَدَنَ یَموتُ وَالرّوحَ لا تَموتُ(2)، قالَ اللهُ عز و جل: «وَ إِنَّ الدَّارَ الْاخِرَةَ لَهِىَ الْحَیَوَانُ لَوْ کَانُواْ یَعْلَمُونَ»(3)

وَالدُّنیا رَسمُ الآخِرَةِ وَالآخِرَةُ رَسمُ الدُّنیا(4)، ولَیسَ الدُّنیا الآخِرَةَ ولَا الآخِرَةُ الدُّنیا. إذا فارَقَ الرُّوحُ الجِسمَ یَرجِعُ کُلُّ واحِدٍ مِنهُما إلى ما مِنهُ بَدَأَ وما مِنهُ خُلِقَ، وکَذلِکَ الجَنَّةُ وَالنّارُ فِی الدُّنیا مَوجودَةٌ وفِی الآخِرَةِ؛ لِأَنَّ العَبدَ إذا ماتَ صارَ فی دارٍ مِنَ الأَرضِ؛ إمّا رَوضَةٍ مِن رِیاضِ الجَنَّةِ، وإمّا بُقعَةٍ مِن بِقاعِ النّارِ، وروحُهُ إلى أحَدِ دارَینِ؛ إمّا فی دارِ نَعیمٍ مُقیمٍ لا یَموتُ فیها، وإمّا فی دارِ عَذابٍ ألیمٍ لایَموتُ فیها، وَالرَّسمُ لِمَن عَقَلَ مَوجودٌ واضِحٌ، وقَد قالَ اللهُ عز و جل: «کَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْیَقِینَ – لَتَرَوُنَّ الْجَحِیمَ – ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَیْنَ الْیَقِینِ – ثُمَّ لَتُسْئلُنَّ یَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِیمِ»(5) وعَنِ الکافِرینَ، فَقالَ: إنَّهُم کانوا فی شُغُلٍ عَن ذِکری، وکانوا لا یَستَطیعونَ سَمعا(6)، ولَو عَلِمَ الإِنسانُ ما هُوَ فیهِ ماتَ خَوفا مِنَ المَوتِ، ومَن نَجا فَبِفَضلِ الیَقینِ.(7)


1) الجَاثَلِیق: رئیس النصارى فی بلاد الإسلام (مجمع البحرین: ج 1 ص 270 «الجاثلیق»).

2) فی المصدر: «یموت»، والتصویب من بحار الأنوار.

3) العنکبوت: 64.

4) الرسم: تمثیل الشیء، یطلق على ما یقابل الحقیقة کقول الشاعر: «أرى ودّکم رسما وودّی حقیقة»، والظاهر أنّ المراد أنّ الدنیا تمثیل الآخرة والآخرة تمثیل الدنیا، فیکون مثل قوله سبحانه وتعالى: «وَ أُتُواْ بِهِ مُتَشَبِهًا»(البقرة: 25).

5) التکاثر: 5 – 8.

6) إشارة إلى الآیة: 101 من سورة الکهف.

7) إرشاد القلوب: ص 309 عن سلمان، بحار الأنوار: ج 30 ص 72 ح 1.