الکتاب
«قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَ الطَّیِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِىَ لِلَّذِینَ ءَامَنُواْ فِى الْحَیَاةِ الدُّنْیَا خَالِصَةً یَوْمَ الْقِیَامَةِ کَذَلِکَ نُفَصِّلُ الْایَاتِ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ».(1)
«وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءَامَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَیْهِم بَرَکَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَکِن کَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا کَانُواْ یَکْسِبُونَ».(2)
«مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَکَرٍ أَوْ أُنثَى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْیِیَنَّهُ حَیَاةً طَیِّبَةً وَ لَنَجْزِیَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا کَانُواْ یَعْمَلُونَ».(3)
الحدیث
391. رسول اللّه صلى الله علیه و آله: خَمسٌ لا یَجتَمِعنَ إلّا فی مُؤمِنٍ حَقّا یوجِبُ اللّهُ لَهُ بِهِنَّ الجَنَّةَ: النّورُ فِی القَلبِ، وَالفِقهُ فِی الإِسلامِ، وَالوَرَعُ فِی الدّینِ، وَالمَوَدَّةُ فِی النّاسِ، وحُسنُ السَّمتِ فِی الوَجهِ.(4)
392. الإمام علیّ علیه السلام- فی کِتابِهِ إلى مُحَمَّدِ بنِ أبی بَکرٍ وأهلِ مِصرَ-: عَلَیکُم بِتَقوَى اللّهِ؛ فَإِنَّها تَجمَعُ مِنَ الخَیرِ ما لا یَجمَعُ غَیرُها، ویُدرَکُ بِها مِنَ الخَیرِ ما لا یُدرَکُ بِغَیرِها؛ مِن خَیرِ الدُّنیا وخَیرِ الآخِرَةِ، قالَ اللّهُ عز و جل: «وَ قِیلَ لِلَّذِینَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّکُمْ قَالُواْ خَیْرًا لِّلَّذِینَ أَحْسَنُواْ فِى هَذِهِ الدُّنْیَا حَسَنَةٌ وَ لَدَارُ الْاخِرَةِ خَیْرٌ وَ لَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِینَ».(5)
اِعلَموا یا عِبادَ اللّهِ، أنَّ المُؤمِنَ یَعمَلُ لِثَلاثٍ مِنَ الثَّوابِ: إمّا لِخَیرِ (الدُّنیا) فَإِنَّ اللّهَ یُثیبُهُ بِعَمَلِهِ فی دُنیاهُ؛ قالَ اللّهُ سُبحانَهُ لإِبراهیمَ: «وَ ءَاتَیْنَاهُ أَجْرَهُ فِى الدُّنْیَا وَ إِنَّهُ فِى الْاخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِینَ»(6)، فَمَن عَمِلَ لِلّهِ تَعالى أعطاهُ أجرَهُ فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ، وکَفاهُ المُهِمَّ فیهِما. وقَد قالَ اللّهُ عز و جل: «یَاعِبَادِ الَّذِینَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ رَبَّکُمْ لِلَّذِینَ أَحْسَنُواْ فِى هَذِهِ الدُّنْیَا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا یُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَیْرِ حِسَابٍ»(7)، فَما أعطاهُمُ اللّهُ فِی الدُّنیا لَم یُحاسِبهُم بِهِ فِی الآخِرَةِ. قالَ اللّهُ عز و جل: «لِّلَّذِینَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَ زِیَادَةٌ»(8)، فَالحُسنى هِیَ الجَنَّةُ، وَالزِّیادَةُ هِیَ الدُّنیا.
(وإمّا لِخَیرِ الآخِرَةِ) فَإِنَّ اللّهَ عز و جل یُکَفِّرُ بِکُلِّ حَسَنَةٍ سَیِّئَةً؛ قالَ اللّهُ عز و جل: «إِنَّ الْحَسَنَاتِ یُذْهِبْنَ السَّیِّئاتِ ذَلِکَ ذِکْرَى لِلذَّاکِرِینَ»(9)، حَتّى إذا کانَ یَومُ القِیامَةِ حُسِبَت لَهُم حَسَناتُهُم، ثُمَّ أعطاهُم بِکُلِّ واحِدَةٍ عَشرَ أمثالِها إلى سَبعِمِئَةِ ضِعفٍ؛ قالَ اللّهُ عز و جل: «جَزَاءً مِّن رَّبِّکَ عَطَاءً حِسَابًا»،(10) وقالَ: «أُوْلَئِکَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ وَ هُمْ فِى الْغُرُفَاتِ ءَامِنُونَ».(11) فَارغَبوا فی هذا- رَحِمَکُمُ اللّهُ- وَاعمَلوا لَهُ، وتَحاضّوا(12) عَلَیهِ.
وَاعلَموا یا عِبادَ اللّهِ، أنَّ المُتَّقینَ حازوا عاجِلَ الخَیرِ وآجِلَهُ؛ شارَکوا أهلَ الدُّنیا فی دُنیاهُم، ولَم یُشارِکهُم أهلُ الدُّنیا فی آخِرَتِهِم؛ أباحَهُمُ اللّهُ مِنَ الدُّنیا ما کَفاهُم وبِهِ أغناهُم؛ قالَ اللّهُ عَزَّ اسمُهُ: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَ الطَّیِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِىَ لِلَّذِینَ ءَامَنُواْ فِى الْحَیَاةِ الدُّنْیَا خَالِصَةً یَوْمَ الْقِیَامَةِ کَذَلِکَ نُفَصِّلُ الْایَاتِ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ»(1)
سَکَنُوا الدُّنیا بِأَفضَلِ ما سُکِنَت، وأکَلوها بِأَفضَلِ ما اُکِلَت؛ شارَکوا أهلَ الدُّنیا فی دُنیاهُم، فَأَکَلوا مَعَهُم مِن طَیِّباتِ ما یَأکُلونَ، وشَرِبوا مِن طَیِّباتِ ما یَشرَبونَ، ولَبِسوا مِن أفضَلِ ما یَلبَسونَ، وسَکَنوا مِن أفضَلِ ما یَسکُنونَ، وتَزَوَّجوا مِن أفضَلِ ما یَتَزَوَّجونَ، ورَکِبوا مِن أفضَلِ ما یَرکَبونَ؛ أصابوا لَذَّةَ الدُّنیا مَعَ أهلِ الدُّنیا، وهُم غَدا جیرانُ اللّهِ، یَتَمَنَّونَ عَلَیهِ فَیُعطیهِم ما تَمَنَّوهُ، ولا یَرُدُّ لَهُم دَعوَةً، ولا یَنقُصُ لَهُم نَصیباً مِنَ اللَّذَّةِ. فَإِلى هذا- یا عِبادَ اللّهِ- یَشتاقُ إلَیهِ مَن کانَ لَهُ عَقلٌ، ویَعمَلُ لَهُ بِتَقوَى اللّهِ، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللّهِ.(13)
393. عنه علیه السلام: بِالإِیمانِ یُرتَقى إلى ذِروَةِ السَّعادَةِ ونِهایَةِ الحُبورِ.(14)
394. عنه علیه السلام: الإِیمانُ شَفیعٌ مُنجِحٌ.(15)
395. عنه علیه السلام: لا وَسیلَةَ أنجَحُ مِنَ الإِیمانِ.(16)
396. عنه علیه السلام: مَن آمَنَ بِاللّهِ لَجَأَ إلَیهِ.(17)
397. عنه علیه السلام: ثَمَرَةُ الإِیمانِ الفَوزُ عِندَ اللّهِ.(18)
راجع: التنمیة الإقتصادیة فی الکتاب والسنة: ج 1 ص 19 (القسم الأول / الفصل الأوّل: اهمّیّة التقدم الاقتصادی / سعادة الدنیا والآخرة).
1) الأعراف: 32.
2) الاعراف: 96.
3) النحل: 97.
4) کنز الفوائد: ج 2 ص 10، بحارالأنوار: ج 1 ص 219 ح 49.
5) النحل: 30.
6) العنکبوت: 27.
7) الزمر: 10.
8) یونس: 26.
9) هود: 114.
10) النبأ: 36.
11) سبأ: 37.
12) الحَضّ على الشیء: الحثّ على الشیء (النهایة: ج 1 ص 400 «حضض»).
13) الأمالی للمفید: ص 261 ح 3، الأمالی للطوسی: ص 25 ح 31 کلاهما عن أبی إسحاق الهمدانی، بحار الأنوار: ج 77 ص 386 ح 11 وراجع: الغارات: ج 1 ص 234 ونهج البلاغة: الکتاب 27.
14) غرر الحکم: ج 3 ص 234 ح 4323، عیون الحکم والمواعظ: ص 189 ح 3915.
15) غرر الحکم: ج 1 ص 148 ح 553، عیون الحکم والمواعظ: ص 40 ح 892.
16) غرر الحکم: ج 6 ص 384 ح 10662، عیون الحکم والمواعظ: ص 538 ح 9945.
17) غرر الحکم: ج 5 ص 220 ح 8068، عیون الحکم والمواعظ: ص 432 ح 7444.
18) غرر الحکم: ج 3 ص 322 ح 4587.