624. الإمام الباقر علیه السلام:
کانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله علیه و آله عِندَ عائِشَةَ لَیلَتَها، فَقالَت: یا رَسولَ اللّهِ، لِمَ تُتعِبُ نَفسَکَ وقَد غَفَرَ اللّهُ لَکَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِکَ وما تَأَخَّرَ؟
فَقالَ: یا عائِشَةُ، ألا أکونُ عَبدا شَکورا؟!
قالَ: وکانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله علیه و آله یَقومُ عَلى أطرافِ أصابِعِ رِجلَیهِ، فَأَنزَلَ اللّهُ سُبحانَهُ وتَعالى: «طه- مَآ أَنزَلْنَا عَلَیْکَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى».(1)
625. صحیح البخاری عن عروة عن عائشة:
أنَّ نَبِیَّ اللّهِ صلى الله علیه و آله کانَ یَقومُ مِنَ اللَّیلِ حَتّى تَتَفَطَّرَ قَدَماهُ، فَقالَت عائِشَةُ: لِمَ تَصنَعُ هذا یا رَسولَ اللّهِ وقَد غَفَرَ اللّهُ لَکَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِکَ وما تَأَخَّرَ؟
قالَ: أفَلا اُحِبُّ أن أکونَ عَبدا شَکورا؟!(2)
626. الأمالی للطوسی عن بکر بن عبداللّه:
إنَّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ دَخَلَ عَلَى النَّبِیِّ صلى الله علیه و آله وهُوَ مَوقوذٌ ـ أو قالَ: مَحمومٌ ـ فَقالَ لَهُ عُمَرُ: یا رَسولَ اللّهِ، ما أشَدَّ وَعکَکَ ! فَقالَ: ما مَنَعَنی ذلِکَ أن قَرَأتُ اللَّیلَةَ ثَلاثینَ سورَةً فیهِنَّ السَّبعُ الطِّوالُ. فَقالَ عُمَرُ: یا رَسولَ اللّهِ، غَفَرَ اللّهُ لَکَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِکَ وما تَأَخَّرَ وأنتَ تَجهَدُ هذَا الاِجتِهادَ؟!
فَقالَ: یا عُمَرُ، أ فَلا أکونُ عَبدا شَکورا؟!(3)
627. الإمام الصادق علیه السلام:
کانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله علیه و آله یُصَلّی مِنَ التَّطَوُّعِ مِثلَیِ الفَریضَةِ.(4)
628. صحیح مسلم عن عائشة:
کانَ [رَسولُ اللّهِ صلى الله علیه و آله] یُصَلّی لَیلاً طَویلاً قائِما، ولَیلاً طَویلاً قاعِدا.(5)
629. السنن الکبرى للنسائی عن عائشة:
قَلَّ ما کانَ یَنامُ [رَسولُ اللّهِ صلى الله علیه و آله] مِنَ اللَّیلِ لَمّا قالَ اللّهُ عز و جل لَهُ: «قُمِ الَّیْلَ إِلَّا قَلِیلاً»(6)(7)
630. صحیح البخاری عن عائشة:
کانَ النَّبِیُّ صلى الله علیه و آله یَذکُرُ اللّهَ عَلى کُلِّ أحیانِهِ.(8)
631. الإمام علیّ علیه السلام:
إنَّ فاطِمَةَ علیهاالسلام أتَتِ النَّبِیَّ صلى الله علیه و آله تَسأَلُهُ خادِما، فَقالَ: ألا اُخبِرُکِ ما هُوَ خَیرٌ لَکِ مِنهُ؟ تُسَبِّحینَ اللّهَ عِندَ مَنامِکِ ثَلاثا وثَلاثینَ، وتَحمَدینَ اللّهَ ثَلاثا وثَلاثینَ، وتُکَبِّرینَ اللّهَ أربَعا وثَلاثینَ. فَما تَرکتُها بَعدُ، قیلَ: ولا لَیلَةَ صِفّینَ؟ قالَ: ولا لَیلَةَ صِفّینَ.(9)
632. الأمالی للصدوق عن عروة بن الزّبیر:
کُنّا جُلوسا فی مَجلِسٍ فی مَسجِدِ رَسولِ اللّهِ صلى الله علیه و آله، فَتَذاکَرنا أعمالَ أهلِ بَدرٍ وبَیعَةِ الرِّضوانِ، فَقالَ أبُو الدَّرداءِ: یا قَومِ، ألا اُخبِرُکُم بِأَقَلِّ القَومِ مالاً وأکثَرِهِم وَرَعا وأشَدِّهِمُ اجتِهادا فِی العِبادَةِ؟
قالوا: مَن؟ قالَ: عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السلام.(10)
633. فلاح السائل عن أبی المقدام عن حبّة العرنی:
بَینا أنَا ونَوفٌ نائِمَینِ فی رُحبَةِ المَسجِدِ، إذ نَحنُ بِأَمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام فی بَقِیَّةٍ مِنَ اللَّیلِ واضِعا یَدَهُ عَلَى الحائِطِ شِبهَ الوالِهِ، وهُوَ یَقولُ: «إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ… «(11) إلى آخِرِ الآیَةِ. قالَ: ثُمَّ جَعَلَ یَقرَأُ هذِهِ الآیاتِ ویَمُرُّ شِبهَ الطائِرِ عَقلُهُ، فَقالَ: أ راقِدٌ یا حَبَّةُ أم رامِقٌ؟
قالَ: قُلتُ: رامِقٌ، هذا أنتَ تَعمَلُ هذَا العَمَلَ فَکَیفَ نَحنُ؟! قالَ: فَأَرخى عَینَیهِ فَبَکى، ثُمَّ قالَ لی:
یا حَبَّةُ، إنَّ للّهِ مَوقِفا، ولَنا بَینَ یَدَیهِ مَوقِفٌ لا یَخفى عَلَیهِ شَیءٌ مِن أعمالِنا. یا حَبَّةُ، إنَّ اللّهَ أقرَبُ إلَیَّ وإلَیکَ مِن حَبلِ الوَریدِ. یا حَبَّةُ، إنَّهُ لَن یَحجُبَنی ولا إیّاکَ عَنِ اللّهِ شَیءٌ.
قالَ: ثُمَّ قالَ: أ راقِدٌ أنتَ یا نَوفُ؟ قالَ: قالَ: لا یا أمیرَ المُؤمِنینَ، ما أنَا بِراقدٍ ولَقَد أطَلتَ بُکائی هذِهِ اللَّیلَةَ.
فَقالَ: یا نَوفُ، إن طالَ بُکاؤُکَ فی هذَا اللَّیلِ مَخافَةً مِنَ اللّهِ عز و جل قَرَّت عَیناکَ غَدا بَینَ یَدَیِ اللّهِ عز و جل. یا نَوفُ، إنَّهُ لَیسَ مِن قَطرَةٍ قَطَرَت مِن عَینِ رَجُلٍ مِن خَشیَةِ اللّهِ إلّا أطفَأَت بِحارا مِنَ النّیرانِ. یا نَوفُ، إنَّهُ لَیسَ مِن رَجُلٍ أعظَمَ مَنزِلَةً عِندَ اللّهِ مِن رَجُلٍ بَکى مِن خَشیَةِ اللّهِ وأحَبَّ فِی اللّهِ وأبغَضَ فِی اللّهِ. یا نَوفُ، مَن أحَبَّ فِی اللّهِ لَم یَستَأثِر عَلى مَحَبَّتِهِ، ومَن أبغَضَ فیِ اللّهِ لَم یُنِل مُبغِضیهِ خَیراً، عِندَ ذلِکَ استَکمَلتُم حَقائِقَ الإِیمانِ.
ثُمَّ وَعَظَهُما وذَکَّرَهُما، وقالَ فی أواخِرِهِ: فَکونوا مِنَ اللّهِ عَلى حَذَرٍ، فَقَد أنذَرتُکُما.
ثُمَّ جَعَلَ یَمُرُّ وهُوَ یَقولُ: لَیتَ شِعری فی غَفَلاتی أمُعرِضٌ أنتَ عَنّی أم ناظِرٌ إلَیَّ؟! ولَیتَ شِعری فی طولِ مَنامی وقِلَّةِ شُکری فی نِعَمِکَ عَلَیَّ ما حالی؟ قالَ: فَوَاللّهِ ما زالَ فی هذَا الحالِ حَتّى طَلَعَ الفَجرُ.(12)
634. حلیة الأولیاء عن أبی صالح:
دَخَلَ ضِرارُ بنُ ضَمرَةَ الکِنانِیُّ عَلى مُعاوِیَةَ، فَقالَ لَهُ: صِف لی عَلِیّا، فَقالَ: أوَ تُعفینی یا أمیرَ المُؤمِنینَ؟ قالَ: لا اُعفیکَ. قالَ: أمّا إذ لابُدَّ… فَأَشهَدُ بِاللّهِ لَقَد رَأَیتُهُ فی بَعضِ مَواقِفِهِ وقَد أرخَى اللَّیلُ سُدولَهُ، وغارَت نُجومُهُ، یَمیلُ فی مِحرابِهِ قابِضاً عَلى لِحیَتِهِ، یَتَمَلمَلُ تَمَلمُلَ السَّلیمِ، ویَبکی بُکاءَ الحَزینِ، فَکَأَنّی أسمَعُهُ الآنَ وهُوَ یَقولُ:
یا رَبَّنا یا رَبَّنا ـ یَتَضَرَّعُ إلَیهِ ـ ثُمَّ یَقولُ لِلدُّنیا: إلَیَّ تَغَرَّرتِ؟! إلَیَّ تَشَوَّفتِ؟! هَیهاتَ هَیهاتَ، غُرّی غَیری، قَد بَتَتُّکِ ثَلاثا، فَعُمُرُکِ قَصیرٌ، ومَجلِسُکِ حَقیرٌ، وخَطَرُکِ یَسیرٌ، آهِ آهِ مِن قِلَّةِ الزّادِ، وبُعدِ السَّفَرِ، ووَحشَةِ الطَّریقِ.
فَوَکَفَت دُموعُ مُعاوِیَةَ عَلى لِحیَتِهِ ما یَملِکُها، وجَعَلَ یُنَشِّفُها بِکُمِّهِ وقَدِ اختَنَقَ القَومُ بِالبُکاءِ، فَقالَ: کَذا کانَ أبُو الحَسَنِ؛ کَیفَ وَجدُکَ عَلَیهِ یا ضِرارُ؟ قالَ: وَجدُ مَن ذُبِحَ واحِدُها فی حِجرِها، لا ترَقَأُ دَمعَتُها ولا یَسکُنُ حُزنُها. ثُمَّ قامَ فَخَرَجَ.(13)
635. الإمام الحسن علیه السلام:
رَأَیتُ اُمّی فاطِمَةَ علیهاالسلام قامَت فی مِحرابِها لَیلَةَ جُمعَتِها، فَلَم تَزَل راکِعَةً ساجِدَةً حَتَّى اتَّضَحَ عَمودُ الصُّبحِ، وسَمِعتُها تَدعو لِلمُؤمِنینَ والمُؤمِناتِ وتُسَمّیهِم وتُکثِرُ الدُّعاءَ لَهُم ولا تَدعو لِنَفسِها بِشَیءٍ، فَقُلتُ لَها: یا اُمّاه، لِمَ لا تَدعینَ لِنَفسِکِ کَما تَدعینَ لِغَیرِکِ؟ فَقالَت: یا بُنَیَّ، الجارَ ثُمَّ الدّارَ.(14)
636. المناقب لابن شهرآشوب عن الحسن البصری:
ما کانَ فی هذِهِ الاُمَّةِ أعبَدُ مِن فاطِمَةَ، کانَت تَقومُ حَتّى تَوَرَّمَت قَدَماها.(15)
637. تاریخ الطبری عن عبد اللّه بن الزّبیر ـ لَمّا سَمِعَ بِمَقتَلِ الحُسَینِ علیه السلام ـ :
أمَا وَاللّهِ لَقَد قَتَلوهُ! طَویلاً بِاللَّیلِ قِیامُهُ، کَثیرا فِی النَّهارِ صِیامُهُ.(16)
638. تاریخ الیعقوبی:
قیلَ لِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السلام: ما أقَلَّ وُلدَ أبیکَ! قالَ: العَجَبُ کَیفَ وُلِدتُ لَهُ، إنَّهُ کانَ یُصَلّی فِی الیَومِ وَاللَّیلَةِ ألفَ رَکعَةٍ، فَمَتى کانَ یَفرُغُ لِلنِّساءِ؟!(17)
639. الإمام الصادق علیه السلام:
کانَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السلام شَدیدَ الاِجتِهادِ فِی العِبادَةِ؛ نَهارَهُ صائِمٌ، ولَیلَهُ قائِمٌ، فَأَضَرَّ ذلِکَ بِجِسمِهِ، فَقُلتُ لَهُ: یا أبَه(18)، کَم هذَا الدُّؤوبُ(19)؟! فَقالَ: أتَحَبَّبُ إلى رَبّی لَعَلَّهُ یُزلِفُنی.(20)
640. عنه علیه السلام:
کانَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السلام إذا أخَذَ کِتابَ عَلِیٍّ علیه السلام فَنَظَرَ فیهِ قالَ: مَن یُطیقُ هذا؟ مَن یُطیقُ ذا؟ قالَ: ثُمَّ یَعمَلُ بِهِ. وکانَ إذا قامَ إلَى الصَّلاةِ تَغَیَّرَ لَونُهُ حَتّى یُعرَفُ ذلِکَ فی وَجهِهِ، وما أطاقَ أحَدٌ عَمَلَ عَلِیٍّ علیه السلام مِن وُلدِهِ مِن بَعدِهِ إلّا عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السلام.(21)
641. الأمالی للطوسی عن عمرو بن عبد اللّه بن هند الجملیّ عن الإمام الباقر علیه السلام:
إنَّ فاطِمَةَ بِنتَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ لَمّا نَظَرَت إلى ما یَفعَلُ ابنُ أخیها عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السلام بِنَفسِهِ مِنَ الدَّأبِ فِی العِبادَةِ أتَت جابِرَ بنَ عَبدِاللّهِ بنِ عَمرِو بنِ حِزامٍ الأَنصارِیَّ فَقالَت لَهُ: یا صاحِبَ رَسولِ اللّهِ، إنَّ لَنا عَلَیکُم حُقوقا، ومِن حَقِّنا عَلَیکُم أن إذا رَأَیتُم أحَدَنا یُهلِکُ نَفسَهُ اجتِهادا أن تُذَکِّروهُ اللّهَ وتَدعوهُ إلَى البُقیا عَلى نَفسِهِ، وهذا عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ بَقِیَّةُ أبیهِ الحُسَینِ قَدِ انخَرَمَ أنفُهُ وثَفِنَت جَبهَتُهُ ورُکَبتاهُ وراحَتاهُ، دَأبا مِنهُ لِنَفسِهِ فِی العِبادَةِ.
فَأَتى جابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ بابَ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السلام، وبِالبابِ أبو جَعفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِیٍّ علیه السلام فی اُغَیلِمَةٍ مِن بَنی هاشِمٍ قَدِ اجتَمَعوا هُناکَ، فَنَظَرَ جابِرٌ إلَیهِ مُقبِلاً فَقالَ: هذِهِ مِشیَةُ رَسولِ اللّهِ صلى الله علیه و آله وسَجِیَّتُهُ، فَمَن أنتَ یا غُلامُ؟ فَقالَ: أنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ، فَبَکى جابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ رضى الله عنه، ثُمَّ قالَ: أنتَ وَاللّهِ الباقِرُ عَنِ العِلمِ حَقّاً، اُدنُ مِنّی بِأَبی أنتَ واُمّی، فَدَنا مِنهُ فَحَلَّ جابِرٌ إزارَهُ ووَضَعَ یَدَهُ فی صَدرِهِ فَقَبَّلَهُ وجَعَلَ عَلَیهِ خَدَّهُ ووَجهَهُ وقالَ لَهُ: اُقرِئُکَ عَن جَدِّکَ رَسولِ اللّهِ صلى الله علیه و آله السَّلامَ، وقَد أمَرَنی أن أفعَلَ بِکَ ما فَعَلتُ، وقالَ لی: یوشِکُ أن تَعیشَ وتَبقى حَتّى تَلقى مِن وُلدِی مَنِ اسمُهُ مُحَمَّدٌ یَبقَرُ العِلمَ بَقرا، وقالَ لی: إنَّکَ تَبقى حَتّى تَعمى ثُمَّ یُکشَفُ لَکَ عَن بَصَرِکَ.
ثُمَّ قالَ لی: اِیذَن لی عَلى أبیکَ. فَدَخَلَ أبو جَعفَرٍ عَلى أبیهِ فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ وقالَ: إنَّ شَیخا بِالبابِ وقَد فَعَلَ بی کَیتَ وکَیتَ، فَقالَ: یا بُنَیَّ، ذلِکَ جابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ. ثُمَّ قالَ: أمِن بَین وِلدانِ أهلِکَ قالَ لَکَ ما قالَ وفَعَلَ بِکَ ما فَعَلَ؟ قالَ: نَعَم، [قالَ:](22) إنّا للّهِِ، إنَّهُ لَم یَقصُدکَ فیهِ بِسوءٍ ولَقَد أشاطَ بِدَمِکَ.(23)
ثُمَّ أذِنَ لِجابِرٍ فَدَخَلَ عَلَیهِ، فَوَجَدَهُ فی مِحرابِهِ قَد أنضَتهُ العِبادَةُ، فَنَهَضَ عَلِیٌّ علیه السلام فَسَأَلَهُ عَن حالِهِ سُؤالاً حَفِیّا ثُمَّ أجلَسَهُ بِجَنبِهِ، فَأَقبَلَ جابِرٌ عَلَیهِ یَقولُ: یَا بنَ رَسولِ اللّهِ ، أماعَلِمتَ أنَّ اللّهَ تَعالى إنَّما خَلَقَ الجَنَّةَ لَکُم ولِمَن أحَبَّکُم وخَلَقَ النّارَ لِمَن أبغَضَکُم وعاداکُم، فَما هذَا الجَهدُ الَّذی کَلَّفتَهُ نَفسَکَ؟
قالَ لَهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السلام: یا صاحِبَ رَسولِ اللّهِ، أما عَلِمتَ أنَّ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلى الله علیه و آله قَد غَفَرَ اللّهُ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وما تَأَخَّرَ فَلَم یَدَعِ الاِجتِهادَ لَهُ، وتَعَبَّدَ ـ بِأَبی هُوَ واُمّی ـ حَتَّى انتَفَخَ السّاقُ ووَرِمَ القَدَمُ، وقیلَ لَهُ: أتَفعَلُ هذا وقَد غُفِرَ لَکَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِکَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفَلا أکونُ عَبدا شَکورا؟!
فَلَمّا نَظَرَ جابِرٌ إلى عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السلام ولَیسَ یُغنی فیهِ مِن قَولٍ یَستَمیلُهُ مِنَ الجَهدِ وَالتَّعَبِ إلَى القَصدِ قالَ لَهُ: یَابنَ رَسولِ اللّهِ، البُقیا عَلى نَفسِکَ، فَإِنَّکَ لَمِن اُسرَةٍ بِهِم یُستَدفَعُ البَلاءُ وتُستَکشَفُ اللَأواءُ(24) وبِهِم تُستَمطَرُ السَّماءُ.
فَقالَ: یا جابِرُ، لا أزالُ عَلى مِنهاجِ أبَوَیَّ مُؤتَسِیا بِهِما صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِما حَتّى ألقاهُما.
فَأَقبَلَ جابِرٌ عَلى مَن حَضَرَ فَقالَ لَهُم: وَاللّهِ، ما أرى فی أولادِ الأَنبِیاءِ مِثلَ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ إلّا یوسُفَ بنَ یَعقوبَ علیهماالسلام. وَاللّهِ لَذُرِّیَّةُ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السلام أفضَلُ مِن ذُرِّیَّةِ یوسُفَ بنِ یَعقوبَ، إنَّ مِنهُم لَمَن یَملَأُ الأَرضَ عَدلاً کَما مُلِئَت جَورا.(25)
642. الإمام الصادق علیه السلام:
کانَ أبی رضى الله عنه یُصَلّی فی جَوفِ اللَّیلِ، فَیَسجُدُ السَّجدَةَ فَیُطیلُ حَتّى نَقولُ: إنَّهُ راقِدٌ.(26)
643. عنه علیه السلام:
إنّی کُنتُ اُمَهِّدُ لِأَبی فِراشَهُ فَأَنتَظِرُهُ حَتّى یَأتِیَ، فَإِذا أوى إلى فِراشِهِ ونامَ قُمتُ إلى فِراشی. وإنَّهُ أبطَأَ عَلَیَّ ذاتَ لَیلَةٍ فَأَتَیتُ المَسجِدَ فی طَلَبِهِ، وذلِکَ بَعدَما هَدَأَ النّاسُ، فَإِذا هُوَ فِی المَسجِدِ ساجِدٌ ولَیسَ فِی المَسجِدِ غَیرُهُ، فَسَمِعتُ حَنینَهُ وهُوَ یَقولُ:
سُبحانَکَ اللّهُمَّ! أنتَ رَبّی حَقّا حَقّا، سَجَدتُ لَکَ یا رَبِّ تَعَبُّدا ورِقّا، اللّهُمَّ إنَّ عَمَلی ضَعیفٌ فَضاعِفهُ لی، اللّهُمَّ قِنی عَذابَکَ یَومَ تَبعَثُ عِبادَکَ، وتُب عَلَیَّ إنَّکَ أنتَ التَّوّابُ الرَّحیمُ.(27)
644. عنه علیه السلام:
کانَ أبی علیه السلام کَثیرَ الذِّکرِ، لَقَد کُنتُ أمشی مَعَهُ وإنَّهُ لَیَذکُرُ اللّهَ، وآکُلُ مَعَهُ الطَّعامَ وإنَّهُ لَیَذکُرُ اللّهَ، ولَقَد کانَ یُحَدِّثُ القَومَ وما یَشغَلُهُ ذلِکَ عَن ذِکرِ اللّهِ، وکُنتُ أرى لِسانَهُ لازِقا بِحَنَکِهِ یَقولُ: «لا إلهَ إلَا اللّهُ» ، وکانَ یَجمَعُنا فَیَأمُرُنا بِالذِّکرِ حَتّى تَطلُعَ الشَّمسُ، ویَأمُرُ بِالقِراءَةِ مَن کان یَقرَأُ مِنّا، ومَن کانَ لا یَقرَأُ مِنّا أمَرَهُ بِالذِّکرِ.(28)
645. تهذیب الکمال عن یحیى بن الحسن العلویّ:
کانَ موسَى بنُ جَعفَرٍ علیه السلام یُدعَى العَبدَ الصّالِحَ مِن عِبادَتِهِ وَاجتِهادِهِ. رَوى أصحابُنا أنَّهُ دَخَلَ مَسجِدَ رَسولِ اللّهِ صلى الله علیه و آله فَسَجَدَ سَجدَةً فی أوَّلِ اللَّیلِ، فَسَمِعَ وهُوَ یَقولُ فی سُجودِهِ: «عَظُمَ الذَّنبُ عِندی فَلیَحسُنِ العَفوُ مِن عِندَکَ، یا أهلَ التَّقوى ویا أهلَ المَغفِرَةِ» ، فَجَعَلَ یُرَدِّدُها حَتّى أصبَحَ.(29)
646. الکافی عن حفص:
ما رَأَیتُ أحَدا أشَدَّ خَوفا عَلى نَفسِهِ مِن موسَى بنِ جَعفَرٍ علیه السلام ولا أرجَى النّاسِ مِنهُ، وکانَت قِراءَتُهُ حُزنا، فَإِذا قَرَأَ فَکَأَنَّهُ یُخاطِبُ إنسانا.(30)
647. عیون أخبار الرضا علیه السلام عن الثّوبانی:
کانَت لِأَبِی الحَسَنِ موسَى بنِ جَعفَرٍ علیه السلام، بِضعَ عَشرَةَ سَنَةً، کُلَّ یَومٍ سَجدَةٌ بَعدَ انقِضاضِ الشَّمسِ إلى وَقتِ الزَّوالِ، فَکانَ هارونُ رُبَّما صَعِدَ سَطحا یُشرِفُ مِنهُ عَلَى الحَبسِ الَّذی حَبَسَ فیهِ أبَا الحَسَنِ علیه السلام، فَکانَ یَرى أبَا الحَسَنِ علیه السلام ساجِدا، فَقالَ لِلرَّبیعِ: یا رَبیعُ، ما ذاکَ الثَّوبُ الَّذی أراهُ کُلَّ یَومٍ فی ذلِکَ المَوضِعِ؟ فَقالَ: یا أمیرَ المُؤمِنینَ، ما ذاکَ بِثَوبٍ وإنَّما هُوَ موسَى بنُ جَعفَرٍ، لَهُ کُلَّ یَومٍ سَجدَةٌ بَعدَ طُلوعِ الشَّمسِ إلى وَقتِ الزَّوالِ. قالَ الرَّبیعُ: فَقالَ لی هارونُ: أما إنَّ هذا مِن رُهبانِ بَنی هاشِمٍ. قُلتُ: فَما لَکَ قَد ضَیَّقتَ عَلَیهِ فِی الحَبسِ؟! قالَ: هَیهاتَ، لابُدَّ مِن ذلِکَ!(31)
648. عیون أخبار الرضا علیه السلام عن عبد السلام بن صالح الهرویّ:
جِئتُ إلى بابِ الدّارِ الَّتی حُبِسَ فیهَا الرِّضا علیه السلام بِسَرَخسَ وقَد قُیِّدَ علیه السلام، فَاستَأذَنتُ عَلَیهِ السَّجّانَ فَقالَ: لا سَبیلَ لَکَ إلَیهِ، قُلتُ: ولِمَ؟ قالَ: لِأَنَّهُ رُبَّما صَلّى فی یَومِهِ ولَیلَتِهِ ألفَ رَکعَةٍ، وإنَّما یَنفَتِلُ مِن صَلاتِهِ ساعَةً فی صَدرِ النَّهارِ وقَبلَ الزَّوالِ وعِندَ اصفِرارِ الشَّمسِ، فَهُوَ فی هذِهِ الأَوقاتِ قاعِدٌ فی مُصَلّاهُ ویُناجی رَبَّهُ.(32)
1) الکافی: ج 2 ص 95 ح 6، تفسیر القمّی: ج 2 ص 58 وفیه ذیله من «وکان رسول اللّه صلى الله علیه و آله یقوم» وکلاهما عن أبی بصیر، الاحتجاج: ج 1 ص 520 ح 127 عن الإمام الکاظم عن آبائه عن الإمام علیّ علیهم السلام وکلاهما نحوه، بحار الأنوار: ج 16 ص 264 ح 59؛ فتح الباری: ج 8 ص 432، تفسیر القرطبی: ج 11 ص 167 کلاهما عن أنس وفیهما ذیله من «وکان رسول اللّه صلى الله علیه و آله یقوم» نحوه.
2) صحیح البخاری: ج 4 ص 1830 ح 4557، صحیح مسلم: ج 4 ص 2172 ح 81، سنن الترمذی: ج 2 ص 269 ح 412، سنن ابن ماجة: ج 1 ص 456 ح 1420 عن أبی هریرة وکلّها نحوه، کنز العمّال: ج 7 ص 180 ح 18581؛ الأمالی للطوسی: ص 637 ح 1314 عن عمرو بن عبد اللّه بن هند عن الإمام الباقر علیه السلام عن جابر عن الإمام زین العابدین علیه السلام نحوه، بحار الأنوار: ج 16 ص 287 ح 143.
3) الأمالی للطوسی: ص 403 ح 903، بحار الأنوار: ج 16 ص 222 ح 20؛ الطبقات الکبرى: ج 2 ص 208 نحوه.
4) الکافی: ج 3 ص 443 ح 3، تهذیب الأحکام: ج 2 ص 4 ح 3، منتقى الجمان: ج 1 ص 384، عوالی اللآلی: ج 3 ص 65 ح 7 کلّها عن الفضیل بن یسار والفضل بن عبدالملک وبکیر بن أعین.
5) صحیح مسلم: ج 1 ص 504 ح 105، سنن أبی داود: ج 1 ص 251 ح 955، سنن الترمذی: ج 2 ص 213 ح 375، سنن ابن ماجة: ج 1 ص 388 ح 1228، سنن النسائی: ج 3 ص 219، کنز العمّال: ج 8 ص 388 ح 23382.
6) المزّمّل: 2.
7) السنن الکبرى للنسائی: ج 6 ص 501 ح 11628، مسند أبی یعلى: ج 4 ص 466 ح 4918، الدرّ المنثور: ج 8 ص 312 نقلاً عن عبد اللّه بن أحمد فی زوائد الزهد.
8) صحیح البخاری: ج 1 ص 227 ذیل ح 607، صحیح مسلم: ج 1 ص 282 ح 117، سنن أبی داود: ج 1 ص 5 ح 18، سنن الترمذی: ج 5 ص 463 ح 3384، سنن ابن ماجة: ج 1 ص 110 ح 302، کنز العمّال: ج 7 ص 65 ح 17980.
9) صحیح البخاری: ج 5 ص 2051 ح 5047، صحیح مسلم: ج 4 ص 2091 ح 80، مسند الحمیدی: ج 1 ص 24 ح 43، تاریخ بغداد: ج 3 ص 24 الرقم 945 کلّها عن عبدالرحمن بن أبی لیلى، مسند ابن حنبل: ج 1 ص 322 ح 1312 عن ابن أعبد وکلّها نحوه، کنز العمّال: ج 15 ص 505 ح 41982؛ الغارات: ج 2 ص 739 عن السائب نحوه.
10) الأمالی للصدوق: ص 137 ح 136، تنبیه الخواطر: ج 2 ص 156، روضة الواعظین: ص 125، بحار الأنوار: ج 41 ص 11 ح 1، وراجع: المناقب لابن شهرآشوب: ج 2 ص 124.
11) آل عمران: 190.
12) فلاح السائل: ص 466 ح 315، بحار الأنوار: ج 41 ص 22 ح 13.
13) حلیة الأولیاء: ج 1 ص 84 و 85 الرقم 4، الاستیعاب: ج 3 ص 209 الرقم 1875، مروج الذهب: ج 2 ص 433 کلاهما نحوه؛ نهج البلاغة: الحکمة 77، الأمالی للصدوق: ص 724 ح 990 عن الأصبغ بن نباتة وکلاهما نحوه، بحار الأنوار: ج 33 ص 250 ح 524.
14) علل الشرائع: ص 182 ح 1 عن عبادة الکلینی عن الإمام الصادق عن آبائه علیهم السلام، دلائل الإمامة: ص 152 ح 65 عن عبّاد الکلبی عن الإمام الصادق عن آبائه عنه علیهم السلام، کشف الغمّة: ج 2 ص 94، بحار الأنوار: ج 89 ص 313 ح 19 نقلاً عن مصباح الأنوار وکلاهما عن الإمام الصادق عن آبائه عنه علیهم السلام وفیها «لیلة الجمعة» بدل «لیلة جمعتها».
15) المناقب لابن شهرآشوب: ج 3 ص 341، بحار الأنوار: ج 43 ص 76 ح 62؛ ربیع الأبرار: ج 2 ص 104.
16) تاریخ الطبری: ج 5 ص 475، الکامل فی التاریخ: ج 2 ص 585، البدایة والنهایة: ج 8 ص 195 نحوه.
17) تاریخ الیعقوبی: ج 2 ص 247، فلاح السائل: ص 470 ح 319، الملهوف: ص 154 (الهامش عن نسخة من المصدر)، تنبیه الخواطر: ج 2 ص 201 وفیه «قیل لمحمّد بن علیّ بن الحسین علیهم السلام » ، بحار الأنوار: ج 82 ص 311 ح 17؛ العقد الفرید: ج 2 ص 343.
18) مضى علیّ بن الحسین علیه السلام فی عام خمسة و تسعین من الهجرة، و کان مولد جعفر بن محمّد علیه السلام سنة ثلاث و ثمانین من الهجرة، فکان مقامه مع جدّه اثنتی عشرة سنة (راجع: تاریخ أهل بیت علیهم السلام: ص 77 و 81).
19) دأب فی العمل: إذا جدَّ وتَعِب (النهایة: ج 2 ص 95 «دأب»).
20) المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 155 عن معتب، بحار الأنوار: ج 46 ص 91 ح 78.
21) الکافی: ج 8 ص 163 ح 172 عن سلمة بیّاع السابریّ وحفص بن البختری عبد الرحمن بن الحجّاج، وسائل الشیعة: ج 1 ص 63 ح 200، وراجع: المناقب لابن شهرآشوب: ج 2 ص 20.
22) إضافة من عندنا یقتضیها السیاق.
23) أی عمل فی هلاکک (اُنظر: لسان العرب: ج 7 ص 338 «شیط»).
24) الّلأْواءُ: المشقّة والشدّة (لسان العرب: ج 15 ص 238 «لأی»).
25) الأمالی للطوسی: ص 636 ح 1314، المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 148 من دون إسنادٍ إلى أحدٍ من أهل البیت علیهم السلام نحوه، بشارة المصطفى: ص 66 عن عمر بن عبداللّه بن هند الجملیّ عن الإمام الصادق علیه السلام، بحار الأنوار: ج 46 ص 60 ح 18.
26) قرب الإسناد: ص 5 ح 15 عن مسعدة بن صدقة، بحار الأنوار: ج 87 ص 197 ح 4.
27) الکافی: ج 3 ص 323 ح 9 عن إسحاق بن عمّار، بحار الأنوار: ج 46 ص 301 ح 45.
28) الکافی: ج 2 ص 499 ح 1، عدّة الداعی: ص 233 کلاهما عن ابن القدّاح، بحار الأنوار: ج 46 ص 297 ح 29.
29) تهذیب الکمال: ج 29 ص 44 الرقم 6247، تاریخ بغداد: ج 13 ص 27 الرقم 6987، سیر أعلام النبلاء: ج 6 ص 271 الرقم 118؛ دلائل الإمامة: ص 310 ذیل ح 260 وفیه «الذنب من عبدک» بدل «الذنب عندی» وراجع: المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 318.
30) الکافی: ج 2 ص 606 ح 10، بحار الأنوار: ج 48 ص 111 ح 18.
31) عیون أخبار الرضا علیه السلام: ج 1 ص 95 ح 14، المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 318 عن الیونانی وفیه صدره إلى «بعد انقضاض الشمس إلى وقت الزوال» ، بحار الأنوار: ج 48 ص 220 ح 24.
32) عیون أخبار الرضا علیه السلام: ج 2 ص 183 ح 6، بحار الأنوار: ج 49 ص 91 ح 5.