الکتاب
«خَلَقَ الْإنسَانَ- عَلَّمَهُ الْبَیَانَ».(1)
الحدیث
117. الإمام علیّ علیه السلام: لِلإِنسانِ فَضیلَتانِ: عَقلٌ ومَنطِقٌ؛ فَبِالعَقلِ یَستَفیدُ، وبِالمَنطِقِ یُفیدُ.(2)
118. عنه علیه السلام: المَرءُ بِأَصغَرَیهِ: بِقَلبِهِ ولِسانِهِ، إن قاتَلَ قاتَلَ بِجَنانٍ، وإن نَطَقَ نَطَقَ بِبَیانٍ.(3)
119. عنه علیه السلام: کَمالُ الرَّجُلِ بِسِتِّ خِصالٍ: بِأَصغَرَیهِ وأکبَرَیهِ، وهَیئَتَیهِ، فَأَمّا أصغراهُ: فَقَلبُهُ ولِسانُهُ، إن قاتَلَ قاتَلَ بِجَنانٍ وإن تَکَلَّمَ تَکَلَّمَ بِبَیانٍ، وأمّا أکبَراهُ فَعَقلُهُ وهِمَّتُهُ، وأمّا هَیئَتاهُ فَمالُهُ وجَمالُهُ.(4)
120. عنه علیه السلام: أیُّهَا النّاسُ، فِی الإِنسانِ عَشرُ خِصالٍ یُظهِرُها لِسانُهُ: شاهِدٌ یُخبِرُ عَنِ الضَّمیرِ، حاکِمٌ یَفصِلُ بَینَ الخِطابِ، وناطِقٌ یُرَدُّ بِهِ الجَوابُ، وشافِعٌ یُدرَکُ بِهِ الحاجَةُ، وواصِفٌ یُعرَفُ بِهِ الأَشیاءُ، وأمیرٌ یَأمُرُ بِالحَسَنِ، وواعِظٌ یَنهى عَنِ القَبیحِ، ومُعَزٍّ تُسَکَّنُ بِهِ الأَحزانُ، وحاضِرٌ تُجلى بِهِ الضَّغائِنُ، ومونِقٌ(5) تَلتَذُّ بِهِ الأَسماعُ.(6)
121. عنه علیه السلام: مَا الإِنسانُ لَولَا اللِّسانُ، إلّا صورَةٌ مُمَثَّلَةٌ أو بَهیمَةٌ مُهمَلَةٌ.(7)
122. عنه علیه السلام – فِی الحِکَمِ المَنسوبَةِ إلَیهِ ـ: کَما تُعرَفُ أوانِی الفَخّارِ بِامتِحانِها بِأَصواتِها، فَیُعلَمُ الصَّحیحُ مِنها مِنَ المَکسورِ، کَذلِکَ یُمتَحَنُ الإِنسانُ بِمَنطِقِهِ فَیُعرَفُ ما عِندَهُ.(8)
123. الإمام الصادق علیه السلام – لِلمُفَضَّلِ بنِ عُمَرَ ـ: تَأَمَّل یا مُفَضَّلُ ما أنعَمَ اللّهُ تَقَدَّسَت أسماؤُهُ بِهِ عَلَى الإِنسانِ، مِن هذَا النُّطقِ الَّذی یُعَبِّرُ بِهِ عَمّا فی ضَمیرِهِ، وما یَخطُرُ بِقَلبِهِ، ونَتیجَةِ فِکرِهِ، وبِهِ یَفهَمُ عَن غَیرِهِ ما فی نَفسِهِ، ولَولا ذلِکَ کانَ بِمَنزِلَةِ البَهائِمِ المُهمَلَةِ الَّتی لا تُخبِرُ عَن نَفسِها بِشَیءٍ، ولا تَفهَمُ عَن مُخبِرٍ شَیئا.
وکَذلِکَ الکِتابَةُ، بِها تُقَیَّدُ أخبارُ الماضینَ لِلباقینَ، وأخبارُ الباقینَ لِلآتینَ، وبِها تُخَلَّدُ الکُتُبُ فِی العُلومِ وَالآدابِ وغَیرِها، وبِها یَحفَظُ الإِنسانُ ذِکرَ ما یَجری بَینَهُ وبَینَ غَیرِهِ مِنَ المُعامَلاتِ وَالحِسابِ، ولَولاهُ لَانقَطَعَ أخبارُ بَعضِ الأَزمِنَةِ عَن بَعضٍ، وأخبارُ الغائِبینَ عَن أوطانِهِم، ودَرَسَتِ العُلومُ، وضاعَتِ الآدابُ، وعَظُمَ ما یَدخُلُ عَلَى النّاسِ مِنَ الخَلَلِ فی اُمورِهِم ومُعامَلاتِهِم، وما یَحتاجونَ إلَى النَّظَرِ فیهِ مِن أمرِ دینهِم، وما رُوِیَ لَهُم مِمّا لا یَسَعُهُم جَهلُهُ، ولَعَلَّکَ تَظُنُّ أنَّها مِمّا یُخلَصُ إلَیهِ بِالحیلَةِ وَالفِطنَةِ، ولَیسَت مِمّا اُعطِیَهُ الإِنسانُ مِن خَلقِهِ وطِباعِهِ.
وکَذلِکَ الکَلامُ إنَّما هُوَ شَیءٌ یَصطَلِحُ عَلَیهِ النّاسُ فَیَجری بَینَهُم، ولِهذا صارَ یَختَلِفُ فِی الاُمَمِ المُختَلِفَةِ بِأَلسُنٍ مُختَلِفَةٍ، وکَذلِکَ الکِتابَةُ کَکِتابَةِ العَرَبِیِّ وَالسِّریانِیِّ وَالعِبرانِیِّ وَالرّومِیِّ وغَیرِها مِن سائِرِ الکِتابَةِ الَّتی هِیَ مُتَفَرِّقَةٌ فِی الاُمَمِ، إنَّمَا اصطَلَحوا عَلَیها کَمَا اصطَلَحوا عَلَى الکَلامِ، فَیُقالُ لِمَنِ ادَّعى ذلِکَ، إنَّ الإِنسانَ وإن کانَ لَهُ فِی الأَمرَینِ جَمیعا فِعلٌ أو حیلَةٌ فَإِنَّ الشَّیءَ الَّذی یَبلُغُ بِهِ ذلِکَ الفِعلَ وَالحیلَةَ عَطِیَّةٌ وهِبَةٌ مِنَ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ فی خَلقِهِ، فَإِنَّهُ لَولَم یَکُن لَهُ لِسانٌ مُهَیَّأٌ لِلکَلامِ، وذِهنٌ یَهتَدی بِهِ لِلاُمورِ لَم یَکُن لِیَتَکَلَّمَ أبَدا.
ولَو لَم یَکُن لَهُ کَفٌّ مُهَیَّأَةٌ وأصابِعُ لِلکِتابَةِ لَم یَکُن لِیَکتُبَ أبَداً، وَاعتَبِر ذلِکَ مِنَ البَهائِمِ الَّتی لا کَلامَ لَها ولا کِتابَةَ، فَأَصلُ ذلِکَ فِطرَةُ البارِئ جَلَّ و عَزَّ وما تَفَضَّلَ بِهِ عَلى خَلقِهِ، فَمَن شَکَرَ اُثیبَ، ومَن کَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِیٌّ عَنِ العالَمینَ.(9)
1) الرّحمن: 3 و 4.
2) غرر الحکم: ج 5 ص 40 ح 7356، عیون الحکم والمواعظ: ص 403 ح 6811.
3) غرر الحکم: ج 2 ص 133 ح 2089، عیون الحکم والمواعظ: ص 64 ح 1643.
4) الخصال: ص 338 ح 42، معانی الأخبار: ص 150 ح 1، روضة الواعظین: ص 319، المواعظ العددیة: ص 298، بحارالأنوار: ج 70 ص 4 ح 1.
5) أنِقَ الشیءُ: راعَ حُسنُه وأعجَبَ (مجمع البحرین: ج 1 ص 89 «أنق»).
6) الکافی: ج 8 ص 20 ح 4 عن جابر بن یزید، تحف العقول: ص 94، معدن الجواهر: ص 71 نحوه، بحارالأنوار: ج 77 ص 283 ح 1.
7) غرر الحکم: ج 6 ص 93 ح 9644؛ شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: ج 19 ص 9.
8) شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: ج 20 ص 294 ح 363.
9) بحار الأنوار: ج 3 ص 82 نقلاً عن توحید المفضّل.